الخميس, مارس 28, 2024
الرئيسية أخبار “إيض يناير” رأس السنة الأمازيغية بالمغرب.. الحكومة لا تنوي الإقرار بترسيم ما...

“إيض يناير” رأس السنة الأمازيغية بالمغرب.. الحكومة لا تنوي الإقرار بترسيم ما يعرف بـ “إيخف أوسكواس”؟!

0
184

يحتفل الأمازيغ في يوم 12 من يناير/كانون الثاني (ثمة من يحتفل في 13 من الشهر نفسه) برأس السنة الأمازيغية لعام 2972، ويطلق عليه تسمية “الناير”، ويسبق التقويم الأمازيغي، التقويم الغريغوري (الميلادي) بـ 950 عاماً.

كما تتضمّن الاحتفالات أيضا، إلقاء محاضرات وأنشطة أكاديمية مختلفة تهدف إلى التعريف بالحضارة الأمازيغية وتاريخها وتناقش أيضا القضايا المتعلّقة بالأمازيغ ومشاغلهم وثقافتهم ومكانتها في مجتمعاتهم.

بداية يناير/ كانون الثاني الجاري، استعادت أسواق الأقاليم الجنوبية خاصة منطقة سوس العالم ومدينة وجدة شمالي شرقي المغرب شيئا من عافيتها، كسّر الركود الذي خلفته جائحة كورونا، شأنها في ذلك شأن أغلب أسواق المدن المغربية، بسبب احتفالات رأس السنة الأمازيغية.

فبالرغم من الظروف الصحية المرتبطة بوباء كورونا، التي حالت دون إقامة احتفالات كبرى برأس السنة الأمازيغية للعام الثاني على التوالي، فلم تمنع تلك الاجراءات الصحية الاحتفال بهذه المناسبة التي يرتدي فيها المحتفلون بالعيد في هذا اليوم، ملابس جديدة كما يقومون بطهي أطباق مميزة وفي بعض الأحيان يحلقون رؤوسهم.

و”الأمازيغ” هم شعوب أهلية تسكن المنطقة الممتدة من واحة سيوة غربي مصر شرقا، إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن البحر المتوسط شمالًا إلى الصحراء الكبرى جنوبًا.‎

وتوارث الأمازيغ هذه الاحتفالات منذ مئات السنين، وهي مناسبة سنوية يجددون بها آمالهم في موسم فلاحي جديد أكثر وفرة.

وقد يختلف البعض في أصل الحدث التاريخي الذي ينسب إليه الاحتفال بـ”إيض يناير”، إلا أن الأمازيغ يجمعون على كونه تقليدا متوارثا منذ مئات السنين، ومناسبة لتجديد التأكيد على تشبتهم بما تجود به الأرض من خيرات.

التشبث بالأرض

وتسمى السنة الأمازيغية أيضا بالسنة الفلاحية، لارتباطها بالتقويم الذي يعتمده الفلاحون لتحديد أوقات الزرع والحصد والري، حيث تستمر الاحتفالات بهذه المناسبة لغاية الأسبوع الأخير من يناير.

كما تحيي العائلات الأمازيغية في المغرب “إيض يناير” بطقوس احتفالية، وتحرص على تحضير أطباق عشاء خاصة تختلف حسب المناطق، مثل طبق عصيدة “تكلا” الذي يحضر بدقيق الشعير أو دقيق الذرة ويزين بالفواكه الجافة أو البيض المسلوق.

وتفضل عدد من العائلات على إعداد طبق الكسكسي بسبع خضار خلال هذه الليلة، أو طبق “إيمشيخن” أو “أوركمين” وهو حساء يحضر من مكونات متنوعة من بينها الحمص والشعير والأرز والعدس، إلى جانب “الكرعين” (أقدام الخروف أو البقر).

وجرت العادة على أن تدس نواة تمر في الطعام المقدم بهذه المناسبة، حيث يسود اعتقاد بأن من يعثر عليها سيكون محظوظا طيلة السنة الزراعية المقبلة، ويطلقون عليه اسم “أسعدي ناسكاس”.

ويقول الباحث في الثقافة الأمازيغية الحسين البويعقوبي، إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يختلف من منطقة إلى أخرى، وأهم ما يميزه إعداد أطباق خاصة بهذه المناسبة، حيث تحرص العائلات في منطقة سوس (جنوب المغرب) مثلا على إعداد طبق “تكلا ” الشهير.

ويشير البويعقوبي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “كل المكونات التي يحضر بها سواء طبق تكلا أو باقي الأطباق الأمازيغية الأخرى، تتكون مما تبقى من مؤونة السنة الزراعية التي مضت، مما يرمز إلى احتفال الأمازيغ بالأرض وبخيراتها والاستعداد لبداية موسم زراعي جديد والتفاؤل بتساقط الأمطار”.

ولا يستند الاحتفال بـ”إيض يناير” حسب المتحدث على أي مرجعية دينية أو عرقية، غير أنه يشكل دليلا على متانة العلاقة التي تربط الإنسان الأمازيغي بالأرض، وتفاؤله ببداية سنة مليئة بالخير والبركات ووفرة المحاصيل الزراعية.

ويتابع البويعقوبي أن “الاحتفال بالسنة الأمازيغية يكتسي بعدا اجتماعيا، حيث يحرص الأمازيغ على تعزيز الأواصر العائلية من خلال تبادل الزيارات، التي تساهم في تقوية العلاقات الاجتماعية وتعزيز قيم التضامن”.

التشبث بالتقليد رغم كورونا

قبل عامين، كانت تقام في المناطق المأهولة بالسكان الأمازيغ في المغرب احتفالات جماعية برأس السنة، حتى ساعات متأخرة من الليل، يتم خلالها تبادل التهاني بهذا اليوم وتقاسم الأطباق التقليدية الأمازيغية، تيمنا بسنة زراعية وافرة الإنتاج.

ورغم القيود المفروضة على التجمعات والاحتفالات الجماعية لمنع انتشار الوباء، فإن ذلك لم يثن جمعيات مدنية عن إحياء هذا التقليد بطرق مبتكرة، لكي لا يقتصر الأمر على الاحتفال في البيوت.

ويؤكد البويعقوبي أن الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية قد تأثرت بفعل منع التجمعات، مخافة اتساع رقعة انتشار فيروس كورونا، لكن من دون أن تلغى بشكل نهائي.

وأضاف أن “معظم الأنشطة الثقافية من محاضرات ولقاءات تفاعلية تحولت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك الأنشطة الفنية التي كانت تقام بالمناسبة وتستقطب آلاف الأشخاص”.

من يعرقل إقرار السّنة الأمازيغيّة عطلة رسميّة؟

وبعد 11 سنة من إقرار دستورية الأمازيغية، صدر السنة الماضية قانون تنظيمي (قانون مكمل لقواعد الدستور)، ينظم مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.

ورغم ذلك لم يحظ رأس السنة الأمازيغية بالمغرب، عكس الجارة الشرقية الجزائر، التي تعترف بهذه المناسبة كعطلة رسمية منذ سنة 2017.

ومؤخرا، قال وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد إن “الاحتفاء بالسنة الأمازيغية محط اهتمام الدولة بكافة مكوناتها (..) المملكة قطعت أشواطا مهمة في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية وحمايتها”.

ولم يتضح إلى الآن ما إذا كانت الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش، تنوي الإقرار بترسيم ما يعرف بـ “إيخف أوسكواس” (أي رأس السنة بالأمازيغية) عيدا وطنيا، رغم أن البرنامج الحكومي تضمن التزاما بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وخصص صندوقا بميزانية مليار درهم بحلول 2025 ( نحو 108 ملايين دولار).

وبدا الموقف الحكومي غير واضح بخصوص رأس السنة الأمازيغية، لأن الوزير باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، سئل حول الموضوع، فاكتفى بقول “سنحتفل برأس السنة الأمازيغية كما يجب وبقوة”، دون أن يوضح شكل هذا الاحتفال.

ويستند الداعون إلى إقرار “إيض يناير” عيداً وطنياً إلى الوثيقة الدستورية التي اعترفت بالأمازيغية لغة رسمية عام 2011، وما ينجُم عن ذلك من مشروعية قانونية في الدفع بإقرار الحقوق الأمازيغية في البلاد، ومن بينها رأس السنة الأمازيغية الذي يحظى بمكانة خاصة لدى أمازيغ المغرب، إذ تعدّ احتفالية ليلة 13 كانون الثاني (يناير) موروثاً ثقافياً يمتد لأزيد من 33 قرناً. وتجسد هذه الاحتفالية الشعبية ارتباط أمازيغ شمال أفريقيا بالأرض، من خلال اعتماد بعض الطقوس التقليدية الموغلة في القدم والمرتبطة أساساً بالطبخ والغناء والاحتفاء بالأرض وما أنتجته طيلة السنة الفلاحية.

لا مُبرر لتأخير الترسيم

في تعليقه على تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة، اعتبر الناشط والباحث في الشأن الأمازيغي، عبد الله بادو، أن الأمر “يترجم غياب إرادة حقيقة للدفع بملف الأمازيغية، لأن الوزير تهرب من الإدلاء بموقف الحكومة تجاه مطلب ناضل من أجله المدافعون عن الأمازيغية طيلة عقود”.

ويرى بادو، أنه “لا يوجد شيء يُبرر تأخر الحكومة في ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا؛ لأن الخطوة لن تكلف الدولة الشيء الكثير، بل ستساهم في تعبئة كل المواطنات والمواطنين للانخراط في الجهود والمبادرات الوطنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.

كما يرى الباحث أن ترسيم يوم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، تمليه “اعتبارات سياسية وثقافية واجتماعية، تتمثل أساسا في جعل المكتسبات مناسبة لتقييم التقدم الحاصل في ملف ترسيم الأمازيغية، إلى جانب مصالحة المغاربة مع تاريخهم وهويتهم الثقافية، وتعزيز الانتماء للوطن، وتملك قيم التعدد والتنوع الثقافي والعيش المشترك”.

ويعتقد عضو “منظمة تماينوت” الأمازيغية (غير حكومية)، هشام المستوري، أن عدم إعلان الحكومة لرأس السنة الأمازيغية عيدا رسميا ويوم عطلة كباقي الأعياد، يضر بالبلاد وبمصالحها أكثر من أي شيء آخر، “مما يستدعي استحضار الحكمة”.

 

 

 

من يعرقل إقرار السّنة الأمازيغيّة عطلة رسميّة في المملكة المغربيّة؟

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا