مرة أخرى يؤكد الفرنسيون ريادتهم الثورية، وأنهم أكثر الشعوب الأوروبية حيوية، إن الحدث الفرنسي ليس معزولاً عن محيطه القريب، والبعيد، بدليل امتداده السريع الى بلجيكا، وهولندا. وهناك تحذيرات جدية من احتمال امتداده الى المانيا, ودول أخرى في الاتحاد الاوروبي, نظراً لتشابه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ألهمت حركة “السترات الصفراء” التي ظهرت قبل نحو شهر في فرنسا عددا من المحتجين في بلدان عربية منها الجزائر وتونس والعراق، إذ إن المطالب التي رفعت في فرنسا، والمتعلقة عموما بغلاء المعيشة في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، كانت قريبة إلى حد ما من مطالب المحتجين العرب، ما حدا بهم إلى ارتداء سترات صفراء أيضا، في تعبير رمزي عن رغبتهم في تحقيق ما حققه الفرنسيون من مكاسب.
ويساهم أيضاً في ذلك تفشي الفساد وغياب الرقابة والمحاسبة والتهرب الضريبي واستفحال ظاهرة الاقتصاد الأسود, وضعف القانون.. إلخ .
في السنوات القليلة الاخيرة أخذت نتائج تلك التحولات السلبية الخطيرة بالظهور والتراكم، فهددت الطبقة المتوسطة التي تمثل صمام أمن الاستقرار، وأضعفت أكثر الطبقات الفقيرة، مما سبب العديد من الهزات والزلازل الاجتماعية والكوارث، بسببب عامل مشترك هو فقدان التوازن الاجتماعي في دول غنية ودول متوسطة وفقيرة ، أي بلا استثناء ،من البرازيل وفنزويلا الى اندونيسيا ، ومن روسيا الى بريطانيا وفرنسا، ومن آسيا الى أفريقيا.
ويقول تقرير لموقع فرانس 24 انه يبدو أن عدوى احتجاجات حركة “السترات الصفراء” الفرنسية قد بدأت تنتقل تدريجيا إلى البلدان العربية.
وهناك أزمات مشابهة في كثير من الدول كالجزائر وتونس والعراق التي شهدت خلال الأيام الأخيرة عدة مظاهرات دعي إلى العديد منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وارتدى خلالها المشاركون سترات صفراء آملين أن “تثمر” احتجاجاتهم بتحقيق مطالبهم مثلما حدث في فرنسا.
ففي مدينة بجاية شمال الجزائر، شارك الآلاف من المحتجين الثلاثاء 11 كانون الأول/ديسمبر، حسب ما تناقلته وسائل إعلام جزائرية، في مسيرة مساندة لمجمع “سيفيتال” الذي يملكه رجل الأعمال يسعد ربراب، وارتدى فيها المحتجون سترات صفراء في تقليد واضح لحركة “السترات الصفراء” الفرنسية.
ونشرت صفحة “بجاية كن المراقب Béjaia Sois l’observateur” على فيس بوك، فيديو لمسيرة أخرى عرفتها المدينة الاثنين، وكانت “منظمة وسلمية، رفع فيها المشاركون شعارات للمطالبة بإطلاق سراح تواتي مرزوڨ وجميع معتقلي الرأي وحرية التعبير، وكذلك المطالبة بتكريس حرية التعبير والرأي المكرسة كحقوق في الدستور الجزائري”.