“المجلس الاقتصادي” الاقتصاد غير المهيكل يكلف المملكة 4 مليارات دولار سنوياً

0
116

أفاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي  إلى أن الاقتصاد غير المهيكل، باستثناء المعيشي، يشكل تهديداً حقيقيا للمغرب، ويكلف خسائر تقدر بـ 40 مليار درهم تناهز 4 مليارات دولار.

وكشف تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (حكومي)، تم   تقديمه في يوم دراسي بشراكة مع مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) مساء الإثنين، أن ميزانية الدولة، تخسر سنوياً موارد مهمة بسبب الاقتصاد غير المهيكل، مما يضعف قدراتها في تمويل عرض الخدمات العمومية، لافتاً إلى أن الموارد التي تضيع على ميزانية الدولة بسبب هذه الوضعية تقدر بنحو 40 مليار درهم سنوياً.

واعتبر المجلس أن استمرار الاقتصاد غير المهيكل في مستويات عالية تصل إلى 29% من الناتج الداخلي الإجمالي في عام 2018 يؤدي إلى إبطاء وتيرة التحول الهيكلي للاقتصاد، نظراً للإنتاجية الضعيفة لهذا الاقتصاد غير المنظم.

ولفت إلى أن الاقتصاد غير المهيكل بالمغرب، يُولد نشاطاً اقتصادياً ويخلق الدخل وفرص العمل، كما يضمن توفير السلع والخدمات بأسعار تتلاءم مع القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض، مما يجنب فئات واسعة من الساكنة النشيطة الوقوع في البطالة والبقاء بدون أي موارد معيشية.

ولفت التقرير الذي اطلع عليه “العربي الجديد” إلى وجود نوع من “التغاضي” عن هذه الظاهرة، يخلق منظومة اقتصادية شديدة الهشاشة. كما يلجأ بعض الفاعلين إلى ممارسات غير مصرح بها أو حتى غير مشروعة، مما يهدد مبدأ سيادة القانون وينجم عنه تداعيات سلبية سواء على الفاعلين في الاقتصاد غير المنظم أو على مستوى المجتمع.

من جهة أخرى، قال المجلس إن الارتفاع المتواصل في عدد الوحدات الإنتاجية غير المنظمة يعكس، ويكرس في الوقت ذاته، هشاشة النسيج الإنتاجي الوطني، وذلك بالنظر لكون غالبية هذه الوحدات هي عبارة عن بنيات ذات حجم صغير جدا ورأسمال ضعيف ووضعية هشة للغاية إزاء الصدمات الاقتصادية وتقلبات الحياة.

واعتبر أن التداخل القائم بين القطاع غير المنظم والقطاع الخاص المنظم والقطاع العمومي على مستوى سلسلة القيمة، يُعقّد من عملية الحد من حجم منظومة الاقتصاد غير المنظم، حيث تتزود الوحدات الإنتاجية غير المنظمة من مقاولات القطاع الخاص المنظمة بنسبة 18.2%، دون إغفال الأنشطة والمعاملات المستترة غير المصرح بها التي يقوم بها أرباب بعض شركات المناولة في إطار الطلبيات العمومية.

وبحسب المجلس، يؤدي الشغل بالاقتصاد غير المنظم إلى استمرار الهشاشة والتفاوتات ومختلف أشكال انتهاك الحقوق الأساسية للعاملين، إذ يستفيد 24.1% فقط من النشيطين المشتغلين من التغطية الصحية المرتبطة بالشغل، معتبراً أن هذه الوضعية، تنطوي على مخاطر كبرى متعلقة بالمس بكرامة العمال وبسلامتهم الجسدية، والاستغلال والاتجار بالبشر.

ويعتبر جزء كبير من القطاع غير المهيكل في المغرب قطاعاً اجتماعياً معيشياً، ومعظم العمال الذين يكسبون رزقهم اليومي منه من دون معايير عمل قانونية، لم يختاروه طوعاً، بل شكل فرصة عمل لهم في غياب فرص “رسمية” وقانونية.

كما يعد تنظيم القطاع غير المهيكل ومحاصرته عبر إدماجه في دورة الاقتصاد، رهانا أساسيا أمام الدولة عبر البحث عن آليات وبدائل.

ورغم المجهودات والإستراتيجيات التي تم تنفيذها منذ بداية سنوات 2000 بهدف تحسين البيئة المؤسسية والاقتصادية والمالية، والتي ساهمت في تقليص حجم الاقتصاد غير المهيكل، بحسب بحث لبنك المغرب نشر في وقت سابق هذه السنة، فإن استمرار الأنشطة غير المهيكلة يستلزم إصلاحات هيكلية إضافية.

وفي السياق، يقترح المجلس وضع استراتيجية مندمجة وواقعية تهدف مرحليا إلى الحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب، مشددا على ضرورة أن تساهم هذه الاستراتيجية في تقليص حصة الشغل غير المنظم تدريجيا إلى 20% من إجمالي مناصب الشغل. 

كما دعا المجلس إلى اعتماد توجه أكثر صرامة يروم القضاء على الأنشطة غير المشروعة والمستترة وعلى ممارسات الوحدات الإنتاجية غير المنظمة المنافسة للقطاع المنظم. وكذلك وضع قواعد مرجعية حسب كل قطاع ومنطقة، بما يسمح بتوفير إطار موضوعي لتقدير ومراقبة نشاط المقاولات والإحصائيات المرتبطة به.

وفي السياق، أوصى بإزالة الحواجز التشريعية والتنظيمية والإدارية ذات الصلة، من خلال مراجعة النصوص القانونية المتقادمة أو التي تبين عدم إمكانية تطبيقها، وكذا تحسين وضع “المقاول الذاتي” من خلال رفع العتبة القصوى لرقم المعاملات السنوي التي يمكن أن يصلها المقاول الذاتي وتخويله إمكانية تشغيل 2 أو 3 أجراء كحد أقصى.

وأوصى بملاءمة وتنويع وتيسير وسائل التمويل، لا سيما من خلال توسيع نطاق أهداف صندوق محمد السادس للاستثمار، لتشمل مسلسل إدماج الاقتصاد غير المنظم، واقتراح عروض تمويلية بشروط أكثر تفضيلية لفائدة الشباب والنساء الراغبين في الانتقال إلى القطاع المنظم.

المجلس أوصى أيضاً بتعزيز المراقبة والتفتيش على مختلف المستويات (مفتشية الشغل، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مراقبة المطابقة التقنية…)، مع الحرص على أن تكون العقوبات رادعة بالقدر الكافي ومتناسبة مع مستوى خطورة المخالفة.

وكان تقرير نشره “بنك المغرب” (المركزي) في يناير/كانون الثاني الماضي، أكد أن الاقتصاد غير المهيكل مثل 31.3% في الفترة ما بين سنتي 2006 و2017، وهي نسبة مرتفعة إذا تمت مقارنتها مع دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حيث يصل المعدل إلى 17.2%، بينما يصل بدول مجاورة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 25%.

وبحسب تقرير سابق للمنظمة الدولية للعمل، فإن الأنشطة غير المهيكلة تستوعب 80% من المشتغلين، وهي نسبة لا تبتعد كثيراً عما تسجله اقتصادية دول أفريقية جنوب الصحراء، حيث تصل إلى 86%.