المعارضة تنسحب من “مسرحية” جلسة الأسئلة الشفوية بالبرلمان بسبب تحديد الحكومة الأسئلة التي يجب أن يطرحها البرلمانيي المعارضة؟!

0
281

وصف رئيس الفريق حزب “التقدم والاشتراكية”، رشيد حموني،  اليوم الإثنين مجلس النواب بــ” المسرحية” ، قائلاً : “ليس من غير المعقول أن الحكومة هي من تحدد للبرلمانيين الأسئلة التي يجب أن يطرحوها”.

وأضاف الرحموني  بأن البرلمانيين تفاجؤوا بغياب قطاع الداخلية عن جلسة الأسئلة الشفوية المبرمجة، في جلسة اليوم الاثنين، بمجلس النواب.

وأضاف حموني في نقطة نظام تحدث فيها ببداية الجلسة، أنه من حق أي وزير أن يتغيب عندما يكون هناك ظرف طارئ، لكن من غير المتفهم هو الاتصال بالفريق لبرمجة سؤال في أحد القطاعات الموجودة.

وأشار أن الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، رفضت الإجابة على سؤال مرتبط بالوظيفة العمومية، واقترح عليها فريق آخر سؤالا مبرمجا في إطار وحدة الموضوع، ورفضت الإجابة عليه هو الآخر.

وتابع “اليوم نريد أن نفهم هل الحكومة اليوم هي من تراقب البرلمان، أو البرلمان هو من يراقب الحكومة”.

وزاد ” من العيب اليوم أن وزراء عاجزون عن الإجابة على سؤال عام”، مضيفا ” الكفاءة يجب أن تظهر عندما توجه للوزير أسئلة ولديه الوقت كي يتفاعل معه لكنه لا يفعل”.

وأكد حموني أن الأسئلة التي يعنيها تستوفي شرط 20 يوما الذي يتحدث عنه النظام الداخلي لمجلس النواب.

وشدد على أن الفريق النيابي لحزب “التقدم والاشتراكية” سينسحب من الجلسة، لأنه لن يشارك فيما وصفه بالمسرحية لأنه من غير المعقول أن الحكومة هي من تحدد للبرلمانيين الأسئلة التي يجب أن يطرحوها.

بعد انسحاب فريق التقدم والاشتراكية (معارضة)، قال أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة (أغلبية)، إن “البي بي اس” هاجم وزيرة غير معنية بهذا النقاش، متسائلا حول مدى احترام أجل وضع السؤال، وزاد: “إن غاب وزير عن الجلسة يحل عوضه آخر في الأجوبة”.

الجلسة التي رفعتها الرئيسة زينة حيلي استمرت في إثارة جدل واسع بعد كلمة رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، مؤكدا أن الفصل 100 من الدستور يمنح الحكومة عشرين يوما من أجل الجواب عن الأسئلة الشفوية والكتابية.

واعتبر بوانو عن حزب “العدالة والتنمية” (معارضة) أن “الغياب لأسباب واضحة مقبول، والمثال هو من سفر وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إلى قطر لمساندة المنتخب الوطني، لكن غياب الأجوبة يعني رفض الاستجابة لمضامين دستورية واضحة”. 

لم يستطع الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، مباشرة مداخلته بعد جلبة واسعة، ثم قال موجها خطابه إلى النائب عن حزب العدالة والتنمية مصطفى الإبراهيمي: “من أنت لتمنعني من الكلام”.

من جهته طالب رئيس الفريق الحركي، إدريس السنتيسي، بالاعتذار من فريق التقدم والاشتراكية، مطالبا بالتحاقه بالجلسة، في حين أكد مصطفى بايتاس أن برمجة الأسئلة من صلاحيات مجلس النواب، وأن الحكومة تجاوبت مع الأسئلة التي تم تحديدها.

وفي سياق متصل دائما بالدخول السياسي والبرلماني، أشاد المكتب السياسي باستعداد الحكومة لهذا الدخول الذي يجب أن يكون مختلفا، نظرا للرهانات الكبرى والتحديات التي يعيش على إيقاعها العالم، خاصة ما يرتبط بانعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعيات النزاعات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، مؤكدا أن النجاح في كسب مختلف الرهانات والتحديات، يقتضي من مختلف الفرقاء السياسيين والقوى الحية داخل المجتمع الانخراط في نقاش عميق، في استحضار قوي للمصلحة العليا للوطن والنأي عن المزايدات التي لا تفيد في تقديم الحلول، بل يمكن أن تجر النقاش العمومي لمتاهات أبعد ما تكون عن متطلبات المرحلة، بحسب ما ورد في البيان.

وتفاعلا مع انطلاق جولة جديدة من “الحوار الاجتماعي” بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، نوه المكتب السياسي للحزب الأغلبي بـ”الروح التشاركية للحكومة مع النقابات وهو ما أثمر مباشرة إصلاحات كبرى ظلت مؤجلة، على غرار ملف التقاعد ومدونة الشغل وقانون النقابات وقانون الحق في الإضراب”، كما اعتبر المكتب السياسي أن “هذه المحطة الجديدة مكنت من التأكيد على أن الحوار الاجتماعي هو خيار إرادي واستراتيجي، وشكلت فرصة لبحث قضايا تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة وأنها تأتي تزامنا مع إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2023″، مؤكدا أن “العرض الذي قدمته الحكومة بخصوص تخفيض الضريبة على الدخل، سيشكل واحدا من المداخل الأساسية لتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين”.

وقع الاختيار هذه المرة على حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي تأسس سنة 1977 على يد أحمد عصمان صهر الملك الراحل الحسن الثاني بإيعاز من القصر الملكي بقصد إحداث نوع من التوازن مع الأحزاب التي ظلت تنازع الملكية الشرعية السياسية في البلاد منذ الاستقلال، إلا أن التركيز الآن كان على شخص حديث العهد بالسياسة لكنه مقرب من الملك وصاحب ثروة.

قد اختار المغرب منذ السنوات الأولى لاستقلاله نظاما سياسيا دستوريا، بل لقد كانت هناك محاولة جادة قبل الحماية الفرنسية سنة 1908 لاعتماد وثيقة دستورية. وهناك القانون الأساسي للمملكة الذي صدر سنة 1961، وهو بمثابة إعلان دستوري قبل دستور 1962.

ولقد عرفت الحياة السياسية خلال الستين سنة الماضية مدا وجزرا بين المعارضة والملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، قبل أن يقتنع الجميع بأهمية التعاون.

لقد ارتقى دستور 2011 بمكانة الوزير الأول إلى رئيس للحكومة بصلاحيات واسعة وغير مسبوقة. وربط تعيينه بالإرادة الشعبية، حيث نص الفصل 47 على ضرورة تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات، وهو من يقترح الوزراء.

كما أن الدستور ربط التعيين بالتنصيب البرلماني بناءً على برنامج يتقدم به رئيس الحكومة، ولذلك فهو يتحمل مسؤولية تنفيذ التعهدات الواردة في هذا البرنامج. أيضا لا بد من التذكير بأن جلالة الملك، وفق الدستور، هو رئيس الدولة والضامن لوحدتها، ويُلجأ إليه للتحكيم، وهذا أمر مهم بالنسبة لنا كمغاربة، وهذا أمر يخصنا أيضا.

لقد وسعت الوثيقة الدستورية من اختصاصات البرلمان، سواء في المجال التشريعي أو الرقابي. وقد تم التراجع عما يمكن تسميته نظام “الثنائية البرلمانية” وليس الثنائية المجلسية التي كانت موجودة في دستور 1996، حيث كان بإمكان مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) التقدم بملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، رغم أنه لم يكن معنيا بتنصيبها.

لقد وسّع دستور 2011 من مجال القانون، وجعل إخراج القوانين اختصاصا حصريا للبرلمان، وأضاف اختصاصا رقابيا آخر يتعلق بتقييم السياسات العمومية. وكما تعلمون فإن المغرب أدمج المكون النقابي ضمن تركيبة مجلس المستشارين من خلال تخصيص 20 مقعدا للمنظمات النقابية من أصل 120 مقعدا.

يقوم البرلمان بمهام رقابية وتشريعية مهمة غير أننا لاحظنا منذ مدة استهدافا واضحا للبرلمان وباقي المؤسسات المنتخبة. لكن هذا لا يمنع من القول بأن هناك تحديات مرتبطة أساسا بطبيعة النخب، وتمثل هذه الأخيرة وظيفة السلطة التشريعية التي تحولت في أغلب الأحيان إلى آلية ميكانيكية في يد الأغلبية الحكومية، وعليه فالأحزاب السياسية مسؤولة عن نوعية النخب التي قدمتها ورشحتها للبرلمان.

ولذلك، ينبغي على البرلمان أن يقوم بوظائفه كاملة في استقلال عن الجهاز التنفيذي في إطار نظام فصل السلط الذي تأخذ به بلادنا؛ فالبرلمان يمارس الرقابة على عمل الحكومة، ولا ينبغي أن يتحول إلى أداة في يدها.