المغرب: إفلاس 12200 ألف مقاولة في 2022 في ظل غياب مواكبة من الحكومة

0
134

“التضخم وارتفاع أسعار المواد سيؤثران على الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأعوام المقبلة، في ظل غياب مواكبة من الحكومة التي اعتمدت تعديلات في مشروع موازنة 2023 من شأنها رفع الضريبة على الشركات للفترة القادمة”

ستشهد استثمارات الشركات المغربية تراجعاً خلال العام الحالي، في الوقت الذي تراهن فيه حكومة رجل الأعمال أخنوش على زيادة حجم الاستثمار العمومي والخاص للمساهمة بشكلٍ أكبر في رفع النمو الاقتصادي للبلاد، وفقاً لما خلصت إليه توقعات رسمية حديثة.

من جهته ، أفاد مكتب (إنفوريسك/Inforisk) بأن عدد المقاولات المفلسة في المغرب بلغ 12 ألفا و397 خلال سنة 2022، أي بزيادة نسبتها 17.4 في المائة مقارنة بسنة 2021.

وأوضح المكتب، في دراسة له، أن 99,2 في المائة من المقاولات المفلسة هي من المقاولات الصغيرة جدا، بينما تشكل المقاولات الصغرى والمتوسطة 0,7 في المائة.

وسجل المصدر أن ارتفاع نسبة إفلاس المقاولات يعزى جزئيا إلى ضعف استخدام التدابير الوقائية (بالكاد 27 في 2022)، مضيفا أن المقاولات المغربية تسجل “ضعفا” على مستوى اللجوء إلى التدابير الوقائية الموجودة.

وتمثل حصة تدابير الحماية ضمن حالات الإفلاس في عام 2022، 0.25 بالمائة، وحصة التسوية القضائية 0.06 بالمائة، بينما تمثل حصة التصفية القضائية، والحل، والشطب، والتوقف، ضمن حالات الإفلاس 99.69 بالمائة.

وكشفت الدراسة بخصوص توزيع الحالات بحسب المدن، أن محور الدار البيضاء-الرباط-طنجة يضم حوالي نصف عدد حالات الإفلاس (41 بالمائة)، متقدما على مراكش (7 بالمائة) وفاس (6 بالمائة) وأكادير (4 بالمائة)، مشيرة إلى أن 33 بالمائة من المقاولات المفلسة تعمل في قطاع التجارة، و 21 بالمائة في قطاع العقار، و 15 بالمائة في البناء والأشغال العمومية، و 8 بالمائة في قطاع النقل.

وأضافت الدراسة أنه في عام 2022، تم تسجيل إحداث أربع مقاولات مقبل كل مقاولة تعرضت للإفلاس. 

بحسب المندوبية السامية والتخطيط، وهي هيئة حكومية مكلفة بالإحصاء، فإن الشركات ستكون أكثر حكمةً من حيث الاستثمار بتفضيل تحسين وضعها المالي الداخلي لتكون أقل اعتماداً على التمويل المصرفي.

تحاول المملكة زيادة الاستثمارات لدعم اقتصادها الذي شهد تباطؤاً حاداً في النمو خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغ 2% فقط. فبعد أن أقرّت البلاد ضخ استثمارات حكومية بـ22 مليار دولار في موازنة 2022، خصص مشروع موازنة 2023 استثمارات بـ27 مليار دولار، وهي الأعلى على الإطلاق.

عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للشركات الصغيرة والمتوسطة، أكّد في تصريح سابق، أن “الشركات العاملة في قطاعات التجارة، والخدمات، والبناء، والفلاحة، والصناعة التقليدية، تأثرت بشكل كبير خلال السنوات الثلاثة الماضية، وسيستمر تأثرها خلال العام المقبل لتكابد فقط من أجل الاستمرار دون التفكير في الاستثمار”.

في أكتوبر، أطلق المغرب مبادرةً تهدف لضخ استثمارات إضافية بـ550 مليار درهم (50 مليار دولار) في الدولة خلال 5 سنوات بالتعاون بين الحكومة والقطاعين الخاص والمصرفي، بهدف خلق 500 ألف فرصة عمل في الفترة بين 2022 و2026.

أفادت المندوبية أن عدداً من العوامل الاقتصادية والمالية ستُضعف الاستثمار العام المقبل، منها التضخم، والركود العالمي المتوقع، وآثار تشديد السياسة النقدية التي من المرجح أن تدفع البنوك إلى تشديد شروطها لمنح التمويلات.

سيكون تأثير ارتفاع أسعار المواد الأولية على ربحية الشركات المغربية متبايناً بنهاية هذا العام، ومرتبطاً، بشكلٍ أساسي، بمدى قدرتها على فرض زيادة في أسعار منتجاتها بسبب ارتفاع تكاليفها المالية، أي نقل التكلفة إلى المستهلك، وهو ما سيؤثر سلباً على الوظائف والاستثمار والضرائب ابتداءً من 2023، وفق تحليل خبراء المندوبية السامية للتخطيط.

الفركي أشار إلى أن “التضخم وارتفاع أسعار المواد سيؤثران على الشركات الصغيرة والمتوسطة في الأعوام المقبلة، في ظل غياب مواكبة من الحكومة التي اعتمدت تعديلات في مشروع موازنة 2023 من شأنها رفع الضريبة على الشركات للفترة القادمة”.

بحلول عام 2026، سترتفع ضريبة الشركات من 10% إلى 20% بالنسبة للتي تقل أرباحها السنوية عن 100 مليون درهم (تعادل 9.2 مليون دولار)، وإلى 35% للشركات التي تزيد أرباحها على 100 مليون درهم، مقابل 31% حالياً. في حين ستدفع البنوك وشركات التأمين ضريبة تبلغ 40% مقارنةً بـ37% حالياً.

يوسف كراوي فيلالي، رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أوضح لـ”الشرق” أن “عدداً من الشركات تعكس ارتفاع أسعار المواد الأولية على ثمن البيع، وهناك شركات أخرى لا تقوم بذلك وبالتالي تنخفض هوامش ربحها ولا تفكر في الاستثمار على المدى القريب والمتوسط”.

يمثّل الاستثمار الخاص في المغرب نحو ثلث إجمالي الاستثمارات التي يتم ضخها في البلاد، واعتمدت الحكومة مؤخراً ميثاقاً يُتيح حوافز مالية وضريبية لمستثمري القطاع الخاص بهدف الوصول بنسبة استثماراتهم إلى الثلثين.

توقعات عدم الإقدام على الاستثمار من قِبل فئة كبيرة من الشركات المغربية خلال العام المقبل “مرتبطة أيضاً بغياب الرؤية على المدى المتوسط بالنظر للوضع الدولي المتقلب، وبالتالي الإحجام عن الاقتراض من أجل الاستثمار”، وفق تحليل فيلالي.

إفلاس الشركات

خلص تقرير أصدرته مؤخراً شركة التأمين والاستثمار الدولية “أليانز” إلى أن “حوالي 12200 شركة مغربية ستواجه الإفلاس خلال العام 2022، مقابل 11800 شركة العام 2021، و10550 شركة العام 2020، و8477 عام 2019، ما يمثل زيادة بنحو 44% عن عام ما قبل جائحة كورونا.

لكن رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير يرى أن “عدد الإفلاسات في صفوف الشركات سيتجاوز بكثير حاجز 10 آلاف خلال العامين الجاري والمقبل، وهي فئة حكماً لن يكون بمقدورها الاستثمار، لأنها ستبحث عن ضمان النفقات الشهرية الاعتيادية فقط دون التفكير في التوسع”.

من أجل تحفيز الاستثمار الخاص، فعّل المغرب صندوق الاستثمار الاستراتيجي الذي استُحدث العام الماضي، وتلقّى مساهمة أولية قدرها 15 مليار درهم (حوالي 1.4 مليار دولار) من ميزانية الدولة، على أن يتمّ جمع تمويلات أخرى من جهات وطنية ودولية ليبلغ إجمالي موارده المستهدفة 4.5 مليار دولار لتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى في إطار شراكات مع القطاع الخاص.

“أليانز” نوّهت بأن الضغوط التضخمية، وتشديد السياسات النقدية من قِبل البنوك المركزية، واضطرابات سلاسل التوريد، ستؤدي لتأثير سلبي على التدفق النقدي للشركات، مُقدّرةً أن إفلاس الشركات على المستوى العالمي سيرتفع خلال العام الحالي بـ10%، وسيقفز 19% العام المقبل.

تتطلّع الحكومة المغربية عبر مشروع موازنة 2023 لتحقيق نمو 4% مقابل 1.5% فقط هذا العام، وألّا يتجاوز العجز المالي 4.5% مقابل 5.3% المتوقع مع نهاية 2022، ويُرتقب أن يقرّ البرلمان الموازنة في شهر ديسمبر، متضمناً تعديلات برفع الضرائب على الشركات.