المواطن المغربي يكتوي بنار الأسعار و حكومة الملياردير أخنوش: “لا نعرف أين سيقف ارتفاع الأسعار”؟!

0
132

للمرة “الثانية” وعدت الحكومة ولم تنجح في الوفاء بوعد محاربة ظاهرة الغلاء التي أصبحت ملازمة لحلول شهر رمضان.. هذه المرة لم تكن كسابقاتها، فقد اعتاد المغاربة أن تتراجع الأسعار وتعود إلى مستوياتها المعهودة بعد انقضاء الأيام الأولى من الشهر الفضيل، إلا أن هذه المرة، وتيرة الغلاء الفاحش واصلت اتجاهها نحو الأعلى وكأنها تسابق أيام الشهر الفضيل، ليكون بذلك شهر رمضان لهذه السنة أحد الأشهر الأكثر غلاء في تاريخ البلاد. ويشكك خبراء في أن يقود ذلك إلى انفراجة وتوافرها في الأسواق، ويطرح آخرون إشكالية تؤرق المغاربة وتتعلق بتساؤل: هل أصبح نقل مصادر الطاقة وتأمينها حكرا على فئات ميسورة بعد أن طال الفقر نحو 85% من السكان؟

قال المتحدث باسم الحكومة مصطفى بايتاس، إن المملكة “لا يوجد بها نقص في المواد الأساسية، لكن سعر تلك المواد سيرتفع”، ولكن الأسعار سترتفع وفق الأحداث الدولية، مؤكدا أن البلاد بعيدة عن التوترات الإقليمية في شرق أوروبا.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي، الخميس، عقب المجلس الحكومي بالرباط.

وأوضح بايتاس، في ندوة صحافية، اليوم الخميس، أن “هناك حربا تدور رحاها في شرق أوروبا في منطقة إستراتيجية على مستوى تمويل العالم بمجموعة من المواد الأساسية”، مسجلا أن الأسعار سجلت على إثرها “ارتفاعا مهولا وستواصل الارتفاع دون أن نعرف إلى أين ستقف”، على حد تعبيره.

وكانت العديد من المواد الأساسية، وتحديدا الغذائية، شهدت ارتفاعا في أسعارها مؤخرا أمام ارتفاع “قياسي” لأسعار المحروقات، ما أثر بشكل واسع على باقي المواد الاستهلاكية.

وفي رده على سؤال حول المخزون الاستراتيجي للمغرب من القمح والمحروقات، ذكر بايتاس أن مخزون القمح يناهز 5 أشهر، أما بالنسبة للمحروقات “يوجد ما يمكن أن يتم تخزينه لمواجهة المتطلبات والحاجيات المطلوبة في السوق”، مشيرا إلى أنها “تخضع لتقلبات شبه يومية”.

وكشف بايتاس أنه “من الصعب جدا إعداد مخزون استراتيجي في وضعية الغلاء لاسيما أن جميع المواد الأساسية المعنية بالتخزين مرتفعة سواء التي ينتجها المغرب أو الإنتاج الخارجي”، لافتا إلى أن الظروف المناخية لم تكن مواتية في بداية السنة على عكس التساقطات الأخيرة.

وبشأن التدابير الحكومية، قال المتحدث ذاته إن “الحكومة تمتلك تصورا لكن على مستوى التطبيق سيتطلب بعض الوقت”، مضيفا أن ذلك يتطلب إعداد سياسات عمومية وتمويلات جديدة للتحكم في إنتاج هذه المواد ومواجهة الغلاء بالموازاة مع تنفيذ البرنامج الحكومي من إصلاحات للقطاعات الاجتماعية.

مافيا الأسعار تهزم الحكومة وتفرض منطقها

ومنذ أسابيع، تشهد أسعار المحروقات ارتفاعا غير مسبوق بالمغرب، إذ بلغ سعر الغازوال (السولار) أكثر من 15 درهما (1.6 دولارا)، الأمر الذي دفع المهنيين إلى خوض إضرابات.

وكان الأمل معقودا على أن تعود الأسعار إلى مستوياتها المعهودة بعد انقضاء الأيام الأولى من الشهر الفضيل، إلا أن العكس هو الذي تكرس، فقد واصلت الأسعار ارتفاعها في منحيات غير مسبوقة، أما المصالح المعنية بمراقبة السوق وضبط “جنون” المضاربين، فقد بقيت تتفرج على المشهد وهي عاجزة عن فعل ما يجب فعله.

هذا الواقع بتجلياته دفع بالمراقبين إلى التساؤل حول خلفيات عدم قدرة الجهات المخولة على ضبط حركية السوق المتفاقمة، فلا السلع المنتجة محليا كانت في متناول المغاربة، ولا السلع المستوردة حافظت على استقرارها وانسجامها مع بورصة الأسعار في الأسواق العالمية.

وإن كانت بعض السلع المسقفة بقرارات حكومية (مثل السكر، الزيت ) لم تطلها معضلة القفز على القانون لكونها مرتفعة أصلا، إلا أن سلع أخرى ورغم خضوعها لتسقيف الأسعار بمراسيم، إلا أن ذلك لم يحترم، والإشارة هنا إلى دقيق القمح الصلب واللين، وكل ما يعتمد على هذه المواد، مثل الخبز، الذي يعتبر الغذاء الأول للمغاربة.

غير أن الغرابة في المسألة، لا تكمن في السلع المحددة أسعارها بمراسيم، وإنما في سلع أخرى فصلية ومنتجة محليا، والتي يفترض أن تكون أسعارها معقولة، وهو الأمر الذي يحتّم طرح جملة من الأسئلة حول سبب ذلك.. هل الأمر يتعلق بندرة أدت إلى اختلال قاعدة العرض والطلب التي عادة ما تحدد الأسعار وفق منظومة حركية السوق؟ أم أن الأمر لا يتعلق بالندرة، بل بظاهرة الاحتكار التي تؤدي إلى المضاربة ومن ثم التهاب الأسعار؟

وإذا كان الأمر يتعلق بالندرة، والإشارة هنا إلى المنتجات الفلاحية، فالسؤال الذي يتعين طرحه على الحكومة وليس وزارة الفلاحة فحسب، هو أين الأموال التي صرفت من أجل النهوض بهذا القطاع على مدار سنين، في صورة الدعم الفلاحي، الذي التهم آلاف الملايير من الدراهم، ومع ذلك لم يحقق الأهداف المرجوة منه؟ والحديث هنا لا يتعلق بتحقيق الاكتفاء فقط، بل بالتصدير لأن ما تتوفر عليه البلاد من إمكانيات يفوق بكثير ما ينتج حاليا.

ولأن الكثير من المنتجات التي التهبت أسعارها فصلية، فهذا يرجح أن تكون فرضية المضاربة ويجعلها قائمة، وهو أمر يربطه المراقبون للسوق، بعدم توفر الحكومة على نظام صارم لمتابعة صيرورة المنتجات الفلاحية، ولا سيما ما تعلق بغرف التبريد التي تلعب دورا بارزا على هذا الصعيد، يضاف إلى ذلك عجز الحكومة على تجسيد المشاريع التي طرحتها منذ سنوات، فمنذ أن كان عزيز أخنوش وزيرا للفلاحة والصيد البحري، “فوربس” أن “طموحه الزراعي يمكّن المغرب من ترسيخ مكانته كأكبر مستثمر أفريقي في القارة، حيث استثمرت المملكة ما يعادل 3.5 مليارات يورو تقريبًا بين عامي 2003 و2019. وبفضل مخطط المغرب الأخضر، اكتسبت البلاد خبرة ثمينة في رسم خرائط خصوبة التربة والزراعة المجالية وتكييف الأسمدة مع أنواع التربة، واكتساب المعرفة الفنية”، إلا أن تلك المشاريع لا تزال مجرد وعود، ولا شك أن تأخر مثل هذه المشاريع، يساعد على تفشي ظاهرتي الاحتكار والمضاربة، اللتان يعتبرهما الخبراء أكبر الأسباب المؤدية إلى التهاب الأسعار.

كلام صحف ودراسة فارغة 

وأوردت مجلة “فوربس” أن المملكة تُعِدّ حاليا “الجيل الأخضر” الذي من شأنه أن يسمح للزراعة المغربية بأن تصبح أكثر فاعلية، مبرزة أن الهدف الرئيسي هو مضاعفة حصة القطاع من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة الذي يبلغ حاليا 12.3 بالمائة، إضافة إلى خفض الميزان التجاري من خلال تصدير المزيد من المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، “لذلك يجب أن ترتفع قيمة الصادرات الزراعية من 34.7 مليار درهم في عام 2018 إلى 60 مليار درهم في عام 2030”.

بالإضافة إلى ذلك، تقول “فوربس”، ستتم تعبئة مليون هكتار من الأراضي الجماعية، من المتوقع أن توفر نحو 350 ألف فرصة عمل جديدة”.

وتحدث المجلة أيضا عن جيل جديد من الطبقة الوسطى الزراعية ستشهده البلاد بفضل التأمين الزراعي والحماية الاجتماعية العامة، وتقليل الفرق بين الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي (SMAG) والحد الأدنى للأجور المعمول به في القطاعات الأخرى (SMIG).

واعتبرت “فوربس” أن هذه الإجراءات الاستباقية ستسمح لـ 400 ألف أسرة مغربية بالارتقاء إلى هذه الطبقة المتوسطة، التي ستصبح تضم ما يقرب من 700 ألف أسرة.

وأكدت المجلة أن القطاع الزراعي المغربي يوفر أربعة من أصل عشرة مناصب شغل في البلاد، ويشكل مورد دخل مباشر أو غير مباشر لـ 15 مليون مواطن.

من جهة أخرى، البعض يتحجج بأن ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة، له علاقة بالحرب الروسية الأوكرانية، غير أن هذا المبرر يبدو مجانبا للواقع، لكن ليس إلى المستويات التي يمكنها تبرير الغلاء المسجل في أسعار جميع السلع المستوردة والمحلية، التي فاقت في بعض الأحيان الخمسين بالمائة.

لا شك أن الحكومة مطالبة اليوم بمراجعة منظومة آلياتها في قمع المضاربة والغش، فقد تبين من خلال وعودها أنها عاجزة عن فرض القانون، وهنا يجب عليها البحث عن مكمن الخلل، هل في الموارد البشرية المعنية بمحاربة الظاهرة؟ أم في النصوص القانونية؟ على الحكومة الإجابة على هذين السؤالين كي تصل إلى حل المشكلة من جذورها.

 

 

 

 

 

الشعب اكتوى بنار الأسعار ..ارتفاع الطماطم في رمضان..بايتاس الطماطم في سوق إنزكان بين 2 دراهم و 4 دراهم !!؟