تقرير: المغرب تحوّل من “محطة عبور” إلى “بلد إقامة”.. شهادات مهاجرين”نتعرض أحيانا للعنصرية لذلك نحافظ على مسافة مع المغاربة بشكل عام لتجنب الصدامات”

0
159

بحسب تقرير صادر عن مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب، يأتي السوريون في مقدمة اللاجئين المسجلين لديها في المغرب، والبالغ عددهم 19 ألف و620 طالب لجوء إلى غاية 31 مارس الماضي.

 وأشار التقرير المفوضية الأممية الى طالبي اللجوء بالمغرب ينحدرون من 48 دولة، وأن أعدادهم تضاعفت خلال العامين الماضيين، ويأتي السوريين في المقدمة بـ 5150 شخص، ثم غينيا (2958)، فساحل العاج (1470)، و1361 لاجئ من السودان، و1293 من الكاميرون، و1173 من اليمن، و1059 من جمهورية أفريقيا الوسطى، و452 من جنوب السودان، و393 من الكونغو الديمقراطية، و261 من فلسطين، و134 من العراق، فيما ينحدر 3915 آخرون من بلدان أخرى.

قدرت المفوضية احتياجاتها لضمان الاستجابة المناسبة لاحتياجات الحماية المتزايدة للاجئين بـ5. 9 مليون دولار، مضيفة أن 88٪ من هذه الاحتياجات غير ممولة وتعمل على ضمان الوصول إلى إجراءات اللجوء وحماية اللاجئين بتعاون وثيق مع السلطات المغربية، معتبرة أن المملكة، التي طالما كانت بلد عبور للتحركات المختلطة، تحولت بشكل تدريجي إلى وجهة للاجئين وطالبي اللجوء من دول مختلفة في السنوات الأخيرة. 

تختلف أسباب اختيار المغرب كبلد للاستقرار باختلاف الفئة التي ينتمي لها المهاجر. يضطر المهاجرون غير الشرعيين غالباً للبقاء بعد فشل محاولات الهجرة نحو إسبانيا عبر الشواطئ شمال المملكة، أو لعدم توفر المبالغ الباهضة التي تتطلبها الهجرة غير القانونية استعانة بالمهربين. في الجهة المقابلة، يتحدث الطلبة أو اليد العاملة المؤهلة عن محفزات واضحة لاختيار المغرب كبلد استقرار. 

وذكر الباحث المغربي، مصطفى تاج أن “الانفتاح الذي عبر عنه المغرب اتجاه إفريقيا وتوجهه نحو توفير بيئة حاضنة وآمنة للاستثمار، إضافة إلى العلاقات التجارية بين المغرب والكثير من البلدان الإفريقية بسبب تاريخ العلاقات القوية الثقافية والدينية، ساهمت في بلورة هذه الخيارات. 

واعتبر الباحث مصطفى تاج أن تقييم مدى إسهام المهاجرين الأفارقة في الاقتصاد المغربي صعب حالياً في غياب أرقام دقيقة، فأغلبهم مازال يعتبر البلد محطة عبور أو بلد لتحصيل العلم فقط. لكنه شدد على أن “المدارس العليا الخاصة والعمومية إضافة للجامعات المغربية، فتحت أمام الطلبة الأفارقة فرصا كبيرة وجيدة جداً، وصار كثيرون يفضلون متابعة الدراسة بالمملكة عوض أوروبا”. 

طرحت الصحافية ماجدة بوعزة في موقع  مهاجر نيوز 2022 سؤالاً : هل المجتمع المغربي حاضن للمهاجر الإفريقي؟ 

حيث يرى باباكار كاخاطي  مهاجر سنيغالي مقيم بشكل نظامي في المغرب، أن المجتمع المغربي منفتح ومتعدد الثقافات. لكنه أقر أن هناك فرقاً بين الجيل الجديد والقديم من المغاربة، فالشباب اليوم متسامحون أكثر مع المهاجرين، لكن “هناك أقلية من المجتمع تتصرف بغرابة أحيانا”.

من جهته، رأى خديم مقيم في المغرب هو ايضا يعمل في صحيفة يومية مغربية منذ أربع سنوات، متخصص في كتابة مقالات باللغة الفرنسية حول مواضيع الاقتصاد والصحة والأعمال، قائلاً:  أن “معظم المغاربة متسامحون ومرحبون بالمهاجرين، لكن ذلك لا ينفي أن جزء كبيراً منهم لم يعتد بعد على العيش ضمن مجموعات من ثقافات مختلفة”. قال “أتعرض أحيانا للعنصرية لذلك أحافظ على مسافة مع المغاربة بشكل عام لتجنب الصدامات”.

وبينما يختار العديد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء المغرب كوجهة للاستقرار، يستمر تدفق الشباب المغاربة عن طريق الهجرة غير القانونية، وهو ما يراه الباحث المغربي مصطفى تاج “أمراً مؤسفا، خاصة عندما يتسبب هذا النوع من الهجرة في وفيات ومعاناة كبيرة داخل الأسر المغربية”.

بينما تبقى هجرة المغاربة بالطرق القانونية، أمراً صحياً في نظر المتحدث “إذ أن الكثير منهم يستقر ويبحث عن فرص مهنية أفضل، كما أنهم ينفعون بلدهم عبر عائدات التحويلات المالية”.

على صعيد آخر، تبقى الشراكة مع الدول الأوروبية ضرورة بالنسبة للحكومة المغربية في كل ما يتعلق بتسوية أوضاع المهاجرين سواء تعلق الأمر بخبرة هذه الدول في هذا الميدان، أو بتمويل عملية التسوية وما سيترتب عنها من أعباء اقتصادية واجتماعية إضافية في بلد يُعاني من أزمة حادة فاقمت منها الإنعكاسات السلبية للأزمة المالية التي عصفت ببلدان الإتحاد الأوروبي منذ عام 2009 ودفعت المهاجرين الأفارقة إلى تفضيل الإقامة بالمغرب، بل أسفرت عن إعادة استيعاب المملكة لآلاف مُهاجريها الذين كانوا مُقيمين في دول الإتحاد. 

ومنذ عام 2005، حين تكثفت مُحاولات مهاجرين أفارقة اختراق الأسوار والحواجز التي تقيمها السلطات الإسبانية والمغربية حول مدينتي سبتة ومليلية، حثّت المملكة دول الإتحاد الأوروبي على عدم حصر تدبير ملف الهجرة السرية بالجانب الأمني وضرورة إدماجه بالجانبين الإقتصادي والإجتماعي، خصوصا وأنه لا يمكن للرباط أن تساهم بفاعلية في تقليص موجات الهجرة نحو أوروبا في ظل غياب هناك مقاربة شمولية للملف، خاصة بعد تعرض السلطات لانتقادات منظمات حقوقية مغربية ودولية بسبب تعامل الجهات الأمنية المعنية مع هؤلاء المهاجرين وإعادتهم الى النقطة الحدودية التي دخلوا منها إلى الأراضي المغربية.