حزب معارض يقدم مقترحاً جديداً لتقنين الإجهاض بشروط.. المعتمد عند المالكية التحريم

0
175

يتجدد الجدل في المغرب حول الإجهاض بعد سنوات مرت على نقاش ساخن مجتمعي وسياسي بخصوصه، تدخل على إثره جلالة الملك المفدى محمد السادس  عاهل البلاد وأمر في مارس/آذار 2015 لجنة مكونة من وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإطلاق مشاورات، بهدف مراجعة القوانين المنظمة للإجهاض في المملكة.

بدوره ، تقدم حزب التقدم والاشتراكية المغربي (معارض) من جديد بمقترح قانون يتعلق “بتنظيم الإيقاف الطبي للحمل” لتقنين الإجهاض وتحديد الحالات المسموح فيها به وشروط إجرائه.

وكان جلالة الملك المفدى عاهل البلاد قد أصدر قبل 7 سنوات تعليماته إلى عدة وزراء للتنسيق بينهم، وإشراك الأطباء المتخصصين، بهدف بلورة خلاصات للمشاورات في مشروع مقتضيات قانونية بهدف إدراجها في القانون الجنائي، مشدداً على ضرورة الاستناد إلى الاعتدال مع مراعاة وحدة المجتمع وتماسكه.

وكانت الحكومة المغربية أقرت في يونيو 2016 مشروعا لتعديل القانون الجنائي يتم بموجبه وضع قيود على الإجهاض، إلا أن خلافات سياسية حالت دون المصادقة عليه في البرلمان منذ تلك الفترة.

وسحبت الحكومة الحالية مشروع القانون الجنائي من مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) أواخر السنة الماضية، لتعيد بذلك الجدل حول إدخال تعديلات جديدة حول مقتضيات القانون المسحوب.

وأحال مؤخرا فريق حزب التقدم والاشتراكية (معارض) بمجلس النواب مقترح قانون يتعلق “بتنظيم الإيقاف الطبي للحمل”، موضحا أنه يهدف من خلاله إلى “الحد من ظاهرة الإجهاض السري المنتشرة بشكل كبير في بلادنا”.

وأشار الفريق إلى “إجراء المئات من حالات الإجهاض يوميا في ظروف عشوائية وغير سليمة تشكل خطرا على صحة المجهضات”، مضيفا أن “عددا مهولا من حالات المواليد المهملين الذين يُتخلى عنهم في الشوارع، أو ترمى أشلاؤهم في حاويات الأزبال”.

وتتمثل هذه الإجراءات في أن تتقدم المرأة الحامل بطلب مرفق بموافقتها المستنيرة المكتوبة، وموقعة من قبل الزوجين أو المرأة الراشدة، وبالنسبة للقاصر الحامل فيتعين الحصول على موافقة مستنيرة من أحد الوالدين أو الوصي الشرعي

وحسب معطيات مقترح القانون، فإنه من الحالات التي يؤذن فيها بـ”الإيقاف الطبي للحمل” إذا كان استمرار الحمل يهدد حياة المرأة أو صحتها سواء كانت راشدة أو قاصرا للخطر بسبب مرض أو حالة مثبتة طبيا.

كما نص المقترح كذلك على السماح بالإيقاف الطبي للحمل إذا كان ناتجا عن اغتصاب أو زنا المحارم أو إذا كانت الفتاة الحامل قاصرا، أو إذا كانت المرأة الحامل تعاني من خلل عقلي أو حالة نفسية مرضية خطيرة غير متوافقة مع الحمل أو تتطلب معالجة مستمرة تتنافى مع العلاج.

ويراعي المقترح أيضا الحالة الصحية للجنين، إذ سمح بالإيقاف الطبي للحمل “في حالة ثبوت إصابة الجنين بتشوهات خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، أو إذا كان هناك احتمال كبير أن يولد المولود بتشوهات خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص”.

ومن جهة أخرى، يضم مقترح القانون العديد من العقوبات في حالة عدم الالتزام بالإجراءات والشروط اللازمة للإيقاف الطبي للحمل، حيث خص عقوبات حبسية قد تصل إلى 15 سنة سجنا نافذا وغرامات مالية تصل إلى 100 ألف درهم.

وتتحدث الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري عن أرقام كبيرة لحالات الإجهاض في المملكة، حيث تتجاوز، بحسبها 600 حالة في اليوم الواحد، تستعمل فيها طرق مختلفة بينها استخدام أدوية ممنوعة من البيع في المغرب، يتم جلبها من الجزيرة الخضراء الإسبانية، وتشكل خطرا على حياة النساء المستعملات لها.

بالنسبة لجمعية مكافحة الإجهاض السري، فالمشروع مكسب لها وللمجتمع المغربي. لكن تعبر في الوقت نفسه عن مخاوفها من أن هذا المشروع قد يتم تضمينه بشروط مشددة، تترك العديد من النساء على هامش المجتمع.

ولا يخفي الشرايبي أن المعركة من أجل وقف “آلام” الكثير من النساء بهذا الخصوص، تظل متواصلة في نظره، أولا لأجل إخراج مشروع القانون إلى حيز الوجود بالصيغة التي ينشدها المدافعون عن حقوق المرأة، ثم “توسيع هذا الحق في الإجهاض لنساء أخريات، لم يشملهن المشروع الحالي”.

ويعطي هذا الطبيب المختص في أمراض النساء والتوليد مثلا بالقاصرات التي استثنين من مشروع القانون، ويشير إلى أن الحمل الناتج عن علاقة جنسية مع القاصر يدخل في إطار الاغتصاب وفق القانون المغربي؟ ، كما هو شأن النساء المشردات، واللواتي لا يملكن سقفا يأويهن.

ويتعرض المخالفون لقوانين الإجهاض في المغرب لعقوبات ثقيلة، يمكن أن تصل إلى عدة سنوات من السجن في بعض الحالات. وتقنينه من خلال مشروع القانون الجديد، سيضعه تحت مراقبة مستمرة من قبل القضاء، وتحديدا النيابة العامة، حيث سيوضع سجل في المستشفيات العمومية تدون فيه جميع عمليات الإجهاض. 

اتجاهات العلماء في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح

فالجنين بعد نفخ الروح فيه لا يجوزإجهاضه بلا خلاف، أما قبل ذلك ففيه خلاف، فجمهور أهل العلم على تحريمه ومنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالجواز لعذر، ومنهم من قال بالجواز مطلقا ، ولعل القول بالجواز في الأربعين الأولى إذا كان هناك عذر ومصلحة هو الراجح، وتراجع الفتوى رقم: 8781 ، وإليك تفصيل أقوال أهل العلم من الموسوعة الفقهية قال : في حكم الإجهاض قبل نفخ الروح اتجاهات مختلفة وأقوال متعددة, حتى في المذهب الواحد , فمنهم من قال بالإباحة مطلقا, وهو ما ذكره بعض الحنفية, فقد ذكروا أنه يباح الإسقاط بعد الحمل , ما لم يتخلق شيء منه. والمراد بالتخلق في عبارتهم تلك نفخ الروح. وهو ما انفرد به من المالكية اللخمي فيما قبل الأربعين يوما , وقال به أبو إسحاق المروزي من الشافعية قبل الأربعين أيضا, وقال الرملي: لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز قبل نفخ الروح . والإباحة قول عند الحنابلة في أول مراحل الحمل, إذ أجازوا للمرأة شرب الدواء المباح لإلقاء نطفة لا علقة , وعن ابن عقيل أن ما لم تحله الروح لا يبعث, فيؤخذ منه أنه لا يحرم إسقاطه. وقال صاحب الفروع: ولكلام ابن عقيل وجه.

ومنهم من قال بالإباحة لعذر فقط , وهو حقيقة مذهب الحنفية . فقد نقل ابن عابدين عن كراهة الخانية عدم الحل لغير عذر, إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمن لأنه أصل الصيد . فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها – من أجهضت نفسها – إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر , ونقل عن ابن وهبان أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر ( المرضع ) ويخاف هلاكه, وقال ابن وهبان: إن إباحة الإسقاط محمولة على حالة الضرورة. ومن قال من المالكية والشافعية والحنابلة بالإباحة دون تقييد بالعذر فإنه يبيحه هنا بالأولى , وقد نقل الخطيب الشربيني عن الزركشي: أن المرأة لو دعتها ضرورة لشرب دواء مباح يترتب عليه الإجهاض فينبغي وأنها لا تضمن بسببه.

ومنهم من قال بالكراهة مطلقا . وهو ما قال به علي بن موسى من فقهاء الحنفية. فقد نقل ابن عابدين عنه: أنه يكره الإلقاء قبل مضي زمن تنفخ فيه الروح; لأن الماء بعد ما وقع في الرحم مآله الحياة , فيكون له حكم الحياة , كما في بيضة صيد الحرم. وهو رأي عند المالكية فيما قبل الأربعين يوما , وقول محتمل عند الشافعية. يقول الرملي : لا يقال في الإجهاض قبل نفخ الروح إنه خلاف الأولى , بل محتمل للتنزيه والتحريم , ويقوى التحريم فيما قرب من زمن النفخ لأنه جريمة.

ومنهم من قال بالتحريم , وهو المعتمد عند المالكية. يقول الدردير: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوما , وعلق الدسوقي على ذلك بقوله : هذا هو المعتمد. وقيل يكره. مما يفيد أن المقصود بعدم الجواز في عبارة الدردير التحريم. كما نقل ابن رشد أن مالكا قال: كل ما طرحته المرأة جناية, من مضغة أو علقة, مما يعلم أنه ولد , ففيه الغرة وقال: واستحسن مالك الكفارة مع الغرة. والقول بالتحريم هو الأوجه عند الشافعية ; لأن النطفة بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق مهيأة لنفخ الروح. وهو مذهب الحنابلة مطلقا كما ذكره ابن الجوزي, وهو ظاهر كلام ابن عقيل, وما يشعر به كلام ابن قدامة وغيره بعد مرحلة النطفة , إذ رتبوا الكفارة والغرة على من ضرب بطن امرأة فألقت جنينا, وعلى الحامل إذا شربت دواء فألقت جنينا. انتهى .. والله أعلم