فاجعة معمل النسيج في طنجة..عائلات الضحايا يطالبون بمحاسبة المسؤولين..”لم تتم محاسبة ومعاقبة المسؤولين” !؟

0
152

طنجة – طالبت عائلات ضحايا فاجعة لقي فيها 28 شخصاً على الأقل حتفهم، في معمل “سري” للنسيج، تسربت إليه مياه الأمطار في مدينة طنجة بشمال المغرب، في حادث أثار صدمة وتساؤلات حول وجود هذا المعمل وسط حي سكني دون علم السلطات،”  بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم.

ودعت عائلات الضحايا في نداء لها إلى تقديم دعم مستعجل لكل العائلات المكلومة، وتقديم المواكبة الطبية والنفسية لها، مع توفير الضمان الاجتماعي والتغـطية الصحية كحق لعائلات الضحايا.

وذكّرت العائلات في ندائها الذي أصدرته في الذكرى الأربعينية للفاجعة، أن أبناءها الذين قضوا في الفاجعة لقي فيها 28 شخصاً على الأقل حتفهم، في معمل “سري” للنسيج، تسربت إليه مياه الأمطار في مدينة طنجة بشمال المغرب، كانوا يشتغلون في ظروف الاستغلال اللاإنسانية مضطرين من أجل إعالة عائلاتهم المعوزة، التي فقدت فلذات أكبادها ومصدر رزقها.

أثارت الحادثة صدمة وترقباً لدى أقارب عمال كانوا داخل القبو وقت الحادث، وشهود عيان تجمعوا في محيط الفيلا، حيث وقعت الفاجعة، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.

واستطاع بعض الناجين تفادي الغرق بمساعدة أفراد من سكان الحي، بحسب شهادة أحدهم. ونقل الناجون إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الضرورية، فيما تحدثت وسائل إعلام محلية عن احتمال حدوث احتكاك كهربائي أودى بالضحايا، من دون أن تؤكد السلطات هذه الأنباء حتى الآن.

وسجلت العائلات أنه وبعد مرور أربعين يوما على الفاجعة التي هزت مدينة طنجة واستنكرها الرأي العام الوطني والدولي يوم 8 فبراير الماضي، لم تقم الدولة ولا المؤسسات المسؤولة بتقديم أي دعم معنوي أو مادي لهذه العائلات المكلومة.

وطالبت العائلات بإرجاع أغراض الضحايا الشخصية التي فقدت أثناء الحادث إلى عائلاتهم، داعين القوى الحية إلى تقديم التضامن والدعم لعائلات الضحايا.

ويسجل المغرب نحو “ألفي وفاة سنوياً بسبب حوادث عمل، ما يعد من بين أعلى الأرقام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، بحسب ما أوضح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي (رسمي) أحمد رضا الشامي، استناداً إلى أرقام للمكتب الدولي للعمل أثناء ندوة حول الموضوع الأسبوع الماضي.

عزا تقرير للمجلس أهم أسباب هذا الوضع إلى “ضعف تطبيق” القوانين ذات الصلة، و”النقص الحاصل في الكفاءات المتخصصة”، وكذلك “محدودية إمكانيات جهاز المراقبة”.

أعاد الحادث أيضاً إلى الواجهة إشكالية الاقتصاد غير المنظم في المغرب، خصوصاً في قطاع النسيج الذي تصنع نحو 54% من منتجاته في معامل “لا تحترم المعايير القانونية”، وفق دراسة لنقابة رجال الأعمال (اتحاد مقاولات المغرب) عام 2018.

إجمالاً، يمثل الاقتصاد غير المنظم نحو 30% من إجمالي الناتج الداخلي في المملكة، وفق دراسة للمصرف المركزي (بنك المغرب) مطلع كانون الثاني/يناير.

ويقول عبد اللطيف مجدوب في صحيفة هسبريس الإلكترونية المغربية: هذه المأساة، وبهذا الحجم الكبير في ضحاياها وملابساتها، تنضاف إلى سلسلة الكوارث التي تقع بين الفينة والأخرى، لا سيما في موسم الأمطار، كتردي الطرقات وانهيار الجسور والمعابر والدور”.

ويضيف الكاتب: “يتلقفها مجلس النواب في شكل تقارير شفاهية ثم لا يلبث أن يحولها إلى ‘قراءة الفاتحة’ ترحما على ضحاياها، وكان الأجدر به… ألا يقف عند مراسيم الترحم بل يأمر بإيفاد لجنة يعهد إليها بالتحقيق في ملابسات الحادث وضبط الأطراف الضالعة فيه”.

ويضيف مجدوب: “نظن أن المغاربة، وأمام مسلسل الأهوال التي باتت تقلق راحتهم، سوف لن يتوانوا عن المطالبة بقراءة الفاتحة على ‘أرواح’ الحكومة التي تقضي في كل حادث من خلال انكشاف عوراتها وقصورها في الاستجابة لنداءات استغاثة المواطنين”.

وتحت عنوان “ماذا بعد الفاجعة”، يقول أحمد الشرعي في جريدة الأحداث المغربية إن “الفاجعة لا يمكن أن تمر مرور الكرام، والوحدات الصناعية بالقطاع غير المهيكل لا تحترم أدنى الشروط الإنسانية للعمال، الذين يجدون أنفسهم مرغمين على قبول العمل في مثل هذه الظروف لأنه لا خيار لديهم”.

ويرى الكاتب أن هذه الوحدات الإنتاجية غير المهيكلة “تضعف القطاع المهيكل وتحرم الأجراء من حقوق واسعة لأنها تمنع دورة الاقتصاد من التطور”.

ويضيف الشرعي: “لن نستخلص أي درس مما وقع إذا ما تعاملنا مع الفاجعة كحدث عابر. صحيح أن العدالة لا بد أن تقول كلمتها فيما حدث وأن تحدد المسؤوليات وتوقع العقوبات، لكن لا بد من طرح الأسئلة الحقيقية حول الطريقة التي يجب الانتقال فيها من النشاط غير المهيكل إلى المهيكل”.

ويتابع: “نحن في حاجة إلى رؤية شاملة لتأمين الانتقال الشامل نحو الاقتصاد المهيكل، ونحتاج أكثر للحوار لتشجيع أرباب وحدات الإنتاج السري للمرور إلى القطاع المهيكل مع تأمين الربح. دون ذلك، سننتظر مآسي لا تقل فداحة عن مأساة طنجة في المستقبل”.

يُذكر أنه قبل بضعة أسابيع، تسببت أمطار غزيرة بفيضانات في شوارع رئيسية بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، مثيرة انتقادات وتساؤلات حول جودة وصيانة البنيات التحتية، وأسفرت تلك الفيضانات عن مصرع أربعة أشخاص على الأقل، إثر انهيار بيوت كانت آيلة للسقوط، بحسب وسائل إعلام محلية.

تعد الفيضانات “الخطر الرئيسي في المغرب من حيث عدد الضحايا”، بحسب تقرير للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية (رسمي) في 2016 حول التحولات المناخية.

في هذا السياق، كان 24 شخصاً قد قضوا في سبتمبر/أيلول 2019 إثر انقلاب حافلة مسافرين جراء السيول، بينما قتل سبعة آخرون في الفترة نفسها إثر فيضان أتى على ملعب عشوائي لكرة القدم أقيم في مجرى واد.

كما قضى نحو 50 شخصاً في فيضانات ضربت جنوب البلاد عام 2014، وأسفرت عن خسائر مادية.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا