قطر تُرحّل عشرات العمال المحتجين طلبا لأجورهم قبل 3 أشهر من مونديال 2022

0
103

كشفت منظمة حقوقية عن ترحيل قطر لعشرات العمال الذين احتجوا على عدم دفع أجورهم القادمين من آسيا والشرق الأوسط بسبب تنظيمهم احتجاجًا نادرًا جراء عدم دفع الأجور، وذلك قبل أقل من ثلاثة أشهر من بطولة كأس العالم لكرة القدم. وأكدت الحكومة القطرية توقيف العديد من العمال الذين شاركوا في الاحتجاج، لكنّها رفضت الإفصاح عما إذا كان قد تم طرد أي منهم.

لولا مجهود المليوني عامل الأجانب، لما أمكن إقامة بطولة كأس العالم 2022 في قطر. يقوم الرجال والنساء – ومعظمهم من أفريقيا وآسيا – ببناء الملاعب، والطرق، والمترو، وسوف يوفرون الأمن لمباريات كرة القدم، وينقلون المشجعين في سيارات الأجرة إلى الأماكن التي تجري فيها المباريات، ويقدّمون الخدمة لهم في الفنادق، ويخدمونهم في المطاعم، مع اقتراب موعد البطولة.

لكن في العقد الذي مضى منذ أن مُنحت قطر حق استضافة كأس العالم، كان استغلال هؤلاء العمال والإساءة إليهم أمرين منتشرين، حيث تعرض العمال للعمل القسري، وعدم تقاضي الأجور، وساعات العمل المفرطة.

في 2017، بعد سنوات من ممارسة الضغط الدولي المتصاعد، وقّعت حكومة قطر اتفاقية مع منظمة العمل الدولية، فوعدت بمعالجة قضية استغلال العمال على نطاق واسع ومواءمة قوانينها وممارساتها مع معايير العمل الدولية“، وقدّمت بصيص أمل لأولئك الذين يساهمون كثيراًفي تحقيق حلم البلاد في استضافة بطولة كأس العالم.

ولكن مع بقاء 90 يوماً فقط حتى انطلاق البطولة، هل تتوافق وعود قطر بإصلاح نظام العمل مع الواقع الذي يواجهه العمال الأجانب الذين تعتمد عليهم الدولة بشدة؟ 

ونفت الحكومة القطرية مرارا صحة تقارير حقوقية دولية غير حكومية كانت قد عددت ما وصفتها بانتهاكات صارخة لحقوق العمالة الأجنبية خاصة العمال في منشآت المونديال من ساعات عمل طويلة في درجات حرارة لا تطاق وتسجيل عدد كبير من الوفيات إلى الاحتجاز بسبب المطالبة بحقوق مالية وغيرها من الممارسات.

وأكدت وزارة العمل القطرية والهيئات المعنية بشؤون العمال الأجانب إقرار الدولة لإصلاحات واسعة في سوق وقانون العمل وهي خطوة أشادت بها بعض المنظمات إلا أنها قالت إنها غير كافية.

وكانت الحكومة القطرية قد أقرت بالفعل بتوقيف العديد من العمال الذين شاركوا في الاحتجاج، لكنّها رفضت الإفصاح عما إذا كان قد تم طرد أي منهم وهو وضع أثارت الكثير من التساؤلات حول مصير غامض لهؤلاء.

وقال رئيس منظمة إيكويديم، المتخصصة بحقوق العمال ومقرها لندن، مصطفى القادري في بيان إنّ المنظمة ترجّح أن ما يقرب من 60 عاملًا شاركوا في احتجاج 14 آب/أغسطس، قد تلقوا أوامر بالترحيل، وأضاف: “تحدّثنا إلى عمال شاركوا في الاحتجاجات وأحدهم تم ترحيله إلى نيبال وأكدنا عودته (إلى بلده)، وأن آخرين من نيبال وبنغلاديش والهند ومصر والفيليبين قد تم ترحيلهم أيضًا”.

وسبق أن واجهت قطر اتهامات بعدم القيام بما يكفي لتحسين ظروف العمال، علمًا أنّه تم رفع الأجور بشكل متكرر في الدولة الثرية التي تستضيف المونديال ابتداء من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وشارك العشرات من العمال في الاحتجاج في الدوحة، ما أدى إلى تعطيل حركة المرور ولكن دون الإبلاغ عن أي أعمال عنف. وقالت إيكويديم إن بعضهم لم يتقاضوا رواتبهم لمدة تصل إلى سبعة أشهر.

وكان مسؤول حكومي قطري أفاد في بيان صدر في وقت متأخر الأحد أنه “تم اعتقال عدد من المتظاهرين لخرقهم قوانين الأمن العام”. ورغم أنه لم يفصح عن الأعداد، لكنه أكد أن “التحقيق مستمر”. من جهتها أكّدت وزارة العمل أنها تدفع رواتب ومزايا مستحقة للعمال وأنه تم اتخاذ “إجراءات أخرى” ضد الشركة المشغلة لهم والتي كانت قيد التحقيق بالفعل لفشلها في دفع الأجور.

وبينما كثّفت الجماعات الحقوقية حملاتها قبل كأس العالم ودعا الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى دفع تعويضات للعمال، سلّطت الحكومة الضوء على الإصلاحات الرئيسية التي أدخلتها في السنوات الأخيرة. فقد وضعت حداً أدنى للأجور وشدّدت قواعد العمل في ظل حرارة الصيف المرتفعة، مؤكدة أنّ جميع “العمال المؤهلين” تقريبًا مشمولون بنظام جديد لحماية الأجور كجزء من الإصلاحات. 

لكن ذلك لم يمنع حدوث انتهاكات على غرار تلك التي تعرض لها عشرات العمال الذين تظاهروا في منتصف الشهر الحالي طلبا لحقوقهم، فيما كان يفترض أن تولي الحكومة القطرية اهتماما بهؤلاء خاصة إزاء ظروف معيشية صعبة وانقطاع الشركة المشغلة عن منحهم حقوقهم المالية.

لكن الدوحة تتوجس من أي احتجاجات عمالية خاصة مع اقتراب موعد المونديال، تفاديا للتشويش على جهودها في تنظيم الفعالية الرياضية الأكبر في العالم والتي ستسلط الضوء أكثر على الإمارة الخليجية الغنية بالغاز والتي أيضا ستوفر للدولة إيرادات مالية ضخمة وتنشط الاقتصاد.

وكانت تلك الاحتجاجات العمالية قد أعادت ما تقول منظمات حقوقية إنها انتهاكات صارخة، إلى دائرة الضوء ممارسات تحاول الدوحة تفاديها للتركيز على إنجاح استضافة المونديال، فيما كانت الآمال معلقة على أن يكون تركيز العالم على ما أنجزته من ملاعب ومنشآت وعلى الاستعدادات الضخمة لوجيستيا وفنيا وأمنيا لاستضافة كأس العالم.