قلق أوروبي من توقف الجزائر عن إمداد إسبانيا بالغاز.. قرار يمنح”تبون”مهلة إضافية في مواجهة رأي عام ينتظر إعادة التوزيع الاجتماعي (لريع المحروقات)”

0
110

قرار تبون عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري مرورا بالمغرب، خسارة لكل الشركاء المعنيين، خصوصا وأن القرار الجزائري يتزامن مع ارتفاع أسعار الغاز العالمية وبداية فصل الشتاء في أوروبا. الجزائر “تنغلق أكثر فأكثر على نفسها في رحلة متهورة تعتمد فيها على كل ردود الفعل القديمة التي تدين الأيادي الأجنبية لشرح الأزمات التي تمر بها، كما يرى بيير رازو.

بروكسيل – أصدر رئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع البلدان المغاربية، أندريا كوزولينو، مساء أول من أمس، بيانا اعتبر فيه أن القرار الجزائري القاضي بوقف تزويد أوروبا بالغاز، عبر خط الأنبوب المغاربي-الأوروبي، يعد “مصدر قلق بالغ”.

وذكر كوزولينو بأن اتفاق التزويد، الذي ألغته الجزائر “يهم بشكل مباشر، ليس فقط المغرب، لكن الاتحاد الأوروبي أيضا”، مسجلا أنه «مهما كانت الأسباب التي كانت وراء اتخاذ مثل هذا القرار، فإن “توظيف إمدادات الغاز كوسيلة للضغط لا يمكن أن يشكل حلا مناسبا”.

وقال كوزولينو: “هذا صحيح على نحو خاص خلال المرحلة الحالية، التي تتسم بالضغط المرتفع على أسعار الطاقة، عندما يكون المواطنون الأوروبيون هم من قد يدفع الثمن”. داعيا “الحكومة الجزائرية إلى إعادة النظر في هذا القرار واستئناف مسار الحوار”.

وتابع كوزولينو قائلا: “أدعو أيضا المصلحة الأوروبية للعمل الخارجي، والمفوضية الأوروبية إلى إطلاق مبادرة دبلوماسية، غايتها تشجيع السلطات الجزائرية على مراجعة قرارها”.

وأثار قرار الجزائر الأحادي الجانب بعدم تجديد عقد تزويد أوروبا بالغاز، عبر خط الأنبوب المغاربي-الأوروبي، الذي يعبر المغرب ردود فعل كثيرة من طرف المسؤولين السياسيين وأعضاء البرلمان الأوروبي، الذين يعتبرونه بمثابة ابتزاز لأوروبا.

وبالنسبة للنائب البرلماني الأوروبي، دومينيك ريكي، فمن خلال استهداف المغرب “مست الجزائر أوروبا في توقيت غير مناسب بشكل خاص”، مشيرا إلى أن “هذا الإغلاق ستترتب عنه في النهاية عواقب على مداخيل الجزائر”.

في السياق ذاته، جرت رسميا مساءلة ممثل الاتحاد الأوروبي السامي للسياسة الخارجية والأمن، جوزيب بوريل، حول هذه القضية من طرف البرلمان الأوروبي. وفي سؤال كتابي موجه من طرف النائب البرلماني الأوروبي، أنطونيو تاجاني، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، والنائب الأوروبي ماسيميليانو ساليني، تمت مساءلة الدبلوماسية الأوروبية حول هذا القرار أحادي الجانب للجزائر، الذي يقوض مصالح أوروبا الاستراتيجية. 

صحيفة “لوجورنال دوديمانش” الفرنسية (31 أكتوبر/ تشرين الأول) اعتبرت أن الجزائر تعاقب جارتها المغرب، لكنها بذلك تحرج شركاءها الأوروبيين. واستطردت الصحيفة موضحة بأن الجزائر “تنغلق أكثر فأكثر على نفسها في رحلة متهورة تعتمد فيها على كل ردود الفعل القديمة التي تدين الأيادي الأجنبية لشرح الأزمات التي تمر بها، كما يرى بيير رازو، المدير الأكاديمي لمؤسسة الدراسات الإستراتيجية المتوسطية (Fmes)”.

واستطردت الصحيفة في تحليلها مستشهدة بالخبير رازو أن “المكاسب الجيوسياسية لهذا القرار الجديد منعدمة تماما، لكن السلطات الجزائرية لا تعير اهتماما لذلك، لأن ارتفاع أسعار الغاز والنفط يمنحها مهلة إضافية في مواجهة رأي عام ينتظر إعادة التوزيع الاجتماعي (لريع المحروقات)”. 

تعتبر الجزائر أهم مزود لإسبانيا بالغاز متبوعة بنيجيريا، روسيا، الولايات المتحدة ثم قطر. ويفرض القانون على الدولة الإسبانية ألا تتجاوز حصة أي مورد نسبة 50 بالمئة من السوق الإسبانية. وهكذا وخلال السنوات الماضية فاقت واردات الغاز من الولايات المتحدة وقطر تلك التي تأتي من الجزائر. ولهذا السبب تملك إسبانيا البنية التحتية والمصانع لتسييل الغاز التي تمكنها من تقليل اعتمادها على خطوط الأنابيب. وتملك إسبانيا خمسة من تلك المصانع في موانئ كبيرة كما تملك أكبر ثاني أسطول من الناقلات داخل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، يحذر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة من أن الجزائر لن تكون قادرة على زيادة تسييل الغاز بشكل كبير على المدى القصير.

لم يأت أي رد فعل رسمي من الحكومة المغربية على القرار الجزائري، غير أن “المكتب الوطني المغربي للهيدروكاربورات والمعادن”، و”المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب”، أكدا في بيان مشترك أن ذلك لن يكون له في الوقت الحالي سوى “تأثير ضئيل” على أداء النظام الكهربائي الوطني. وأضاف البيان أنه “نظرا لطبيعة جوار المغرب، وتحسبا لهذا القرار، فقد تم اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان استمرارية إمداد البلاد بالكهرباء”. وأوضح البيان أيضا أن المغرب بصدد دراسة خيارات أخرى على المديين المتوسط والبعيد. والغاز الجزائري كان يزود محطتين للطاقة الحرارية في تهدارت (شمال المغرب) وعين بني مطهر (شرق) بما قدره 700 مليون متر مكعب في السنة. وهي كمية يمكن تعويضها من السوق الدولية رغم التوتر الحالي على مستوى الأسعار.

خط أنابيب الغاز البديل “ميدغاز” الذي قررت الجزائر أن يعوض خط المغرب العربي لا ينقل سوى ثماني مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، وتسعى الجزائر لزيادة طاقته السنوية لتصل إلى 10,5 مليار متر مكعب. ووعدت الجزائر بتعويض أي نقص في إمدادات الأنبوب بالغاز المسال وإرساله بالسفن عبر البحر، خيار يرى بعض الخبراء أنه قد لا يكون مجديا من الناحية التجارية. يذكر أن الجزائر دأبت منذ عام 1996 على تصدير حوالي 10 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى إسبانيا والبرتغال عبر الخط الذي يمر بالمغرب. 

مؤشرات احتمال انخفاض أسعار الغاز أو على الأقل وقف اتجاهه التصاعدي، جاءت من الولايات المتحدة، حيث انخفضت العقود الآجلة للغاز الطبيعي أكثر من أربعة بالمئة إلى أدنى مستوى في أسبوع (الاثنين الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني) بسبب زيادة الإنتاج وانخفاض كان متوقعا في الطلب الأسبوع القادم وتزايد التوقعات بأن الولايات المتحدة سيكون لديها مخزون وفير من الغاز لموسم التدفئة الشتوية. وتقارب أسعار الغاز في أوروبا 24 دولارا لمليون وحدة حرارية، و30 دولارا في آسيا، فيما لا تتجاوز خمسة دولارات في الولايات المتحدة. عامل آخر قد يساهم في تراجع أسعار الغاز الأوروبية ويتعلق بقرار السلطات الصينية زيادة إنتاج الفحم لتهدئة المخاوف بشأن نقص إمدادات الطاقة خلال الشتاء الحالي.