قمة الجزائر: تحت شعار "لم الشمل"..تنطلق اليوم وسط خلاف مصري جزائري حول ليبيا ومغربي خليجي مع الجزائر بشأن إيران

0
106

تنطلق اليوم الثلاثاء في الجزائر أشغال الدورة 31 للقمة العربية، وسط خلافات حول ملفات جوهرية، بعضها “يهم الأمن القومي لبعض الدول” كما هو الحال بين مصر والجزائر حول ليبيا والاستقطابات والتدخلات الخارجية، وآخر مغربي خليجي مع الجزائر بشأن إيران التي تدعم جماعة الحوثي وعناصر البوليساريو  وتزويدها بصواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف، وكذا تسليحهم بطائرات مسيرة محلية الصنع. 

في قمة تستضيفها الجزائر هي الأولى منذ ثلاث سنوات، يجتمع القادة العرب الثلاثاء مع استمرار الانقسامات حول النزاعات الإقليمية، لا سيما في سوريا وليبيا، فضلا عن تطبيع بعض الدول علاقاتها مع إسرائيل.

ويذكر أن آخر قمة للجامعة العربية التي تضم 22 دولة، عُقدت في آذار/مارس 2019 في تونس، قبل تفشي وباء كوفيد-19. ومنذ ذلك الحين، قامت دول عدة أعضاء في المنظمة، التي وضعت تاريخيا دعم القضية الفلسطينية وإدانة إسرائيل على رأس أولوياتها، بتطبيع لافت مع الدولة العبرية. 

فطبعت دولة الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل في 2020 في إطار سلسلة اتفاقيات تفاوضت عليها واشنطن. ثم حذت البحرين والمغرب والسودان حذوها.

ويثير هذا التقارب اهتماما في سياق القمة إذ أن الجزائر مضيفة الاجتماع، من أشد المؤيدين للفلسطينيين. فقد رعت الجزائر اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، رغم أن فرص تنفيذه على أرض الواقع تبدو ضئيلة. 

وأدى التعاون الأمني الذي أقامته المغرب المجاورة للجزائر، مع إسرائيل بعد تطبيع العلاقات بينهما إلى تفاقم توتر العلاقات بين الإخوة الأعداء، المتوترة أصلا بسبب الخلافات العميقة بشأن الصحراء المغربية، والتي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في آب/ أغسطس 2021، بقرار من الجزائر. 

في الوقت الذي تدعم الجزائر حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، تساند مصر الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وتعارض التدخل التركي ودعمه العسكري والاستخباراتي لبعض الفصائل السياسية اللبيبة ، ومعها حكومة الدبيبة.

مصادر ديبلوماسية مصرية، خرجت لتؤكد إن الخلاف المصري الجزائري الذي ظهر في الجلسات القبلية التي سبقت القمة العربية ” لا يرتقي” لمستوى الخلاف ، بل يمكن وصفه بـ “تباين في الرؤى” حول الملف الليبي ، وهو ما انعكس على النقاشات  أثناء الجلسات المغلقة التي جرت خلال اليومين الماضيين بين وزراء خارجية الدول العربية ، عند أشغال الاجتماع التحضيري للقمة العربية في الجزائر.

في الوجه الأخر من الخلافات المتعددة للجزائر في القمة العربية التي تسوق على أنها قمّة “لم شمل العرب” ، يحضر التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية ، ودعمها للجماعات المسلحة  ومليشيات البوليساريو الإرهابية مما يهدّد الأمة القومي للعديد منم الدول العربية ، كما هو الحال في اليمن والسعودية والإمارات ، حيث تدعم \هران جماعة الحوثي التي استهدفت أكثر من مرة العمق السعودي بطائرات مسيرة من صنع إيراني ، وكذا دعم الحرس الثوري الإيراني بموافقة جزائرية على تدريب عناصر مليشيات جبهة البوليساريو الإرهابية على استخدام صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكثف، وكذا تسليحهم بطائرات مسيرة محلية الصنع.

في القمة العربية بدا التوافق أو” لم  شمل العرب” أمنية بعيدة كل البعد في قمة عربية تُعقد في بلد لا يجد أي تناغم في سياساته الخارجية مع أغلب الدول في محيطه، وهو ما يجعل القمة العربية رقم (31 ) لن تخرج بأي جديد يخص العمل العربي المشترك، ويزيد من تأكيد “فشلها ” الغياب الكبير لأغلب قادة العرب من ملوك ورؤساء دول وازنة في المنطقة العربية ، مثل المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطة عمان والكويت..

من جهته اعتبر حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي في جنيف أن “الدبلوماسية الجزائرية انتقلت إلى المرحلة الهجومية على المستويين العربي والأفريقي”.

وإن كانت ملفات النزاع الإسرائيلي الفلسطيني والوضع في سوريا وليبيا واليمن مدرجة على جدول أعمال القمة، فسيتعين على القادة العرب والوفود المشاركة إيجاد مخارج دبلوماسية معقدة في صياغة الإعلان النهائي الذي يقر بالإجماع، لتجنب الإساءة والإحراج إلى أي دولة رئيسية في المنظمة.

ونقلت مصادر من  الجامعة العربية، أن وزراء الخارجية العرب حاولوا خلال عملهم على البيان الختامي “إعلان الجزائر”، إيجاد صيغة توافقية للتنديد بـ”التدخل” التركي والإيراني في الشؤون العربية. فقد طلب بعض الأعضاء ذكر أنقرة وطهران بالاسم بينما عارض آخرون ذلك.

“لم الشمل”

ولفت عبيدي إلى “التناقض في هذه القمة التي تنعقد تحت شعار التنسيق المشترك بينما تحمل كل دولة أجندة وأهدافا خاصة بمصالحها الشخصية. الجامعة العربية هي المرآة العاكسة للسياسة الخارجية العربية”.

ووضعت الجزائر هذه القمة الحادية والثلاثين للمنظمة العربية تحت شعار “لم الشمل” لكن عدة دول، لا سيما بلدان الخليج، لن تكون ممثلة بقادة  دولها.

فقد اعتذر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، عن المشاركة في قمة  الجزائر رسميًا بسبب مشكلة صحية في الأذن. وبحسب الصحافة العربية، فإن رئيس الإمارات وملك البحرين سيغيبان أيضا.

وبخصوص النزاع في سوريا، سعت الجزائر في الكواليس بتشجيع من روسيا لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية، التي علقت عضويتها فيها نهاية عام 2011 في بداية الحراك ضد نظام بشار الأسد، لكنها تخلت عن هذا المسعى رسميا بناء على طلب النظام السوري نفسه.

وأوضح حسني عبيدي أن “دعوة سوريا إلى قمة الجزائر في الوضع الراهن تنطوي على مخاطرة كبيرة. لقد أدركت الجزائر عواقب هذا الوجود على نجاح قمتها. وبالتعاون مع دمشق تخلت عن مبادرتها”.

وبحسب بيار بوسال، الباحث في مؤسسة البحوث الاستراتيجية في فرنسا، فإن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية كانت أيضا رغبة روسيا، حليفة دمشق ولكن أيضا الجزائر. 

وقال: “اضطرت دمشق إلى تقبّل الواقع. فمع استمرار الحرب الأهلية، كانت عودة الرئيس بشار الأسد في ثوب المنتصر إلى الجامعة أمرا وهميا، رغم أن موسكو راهنت بالفعل على هذا السيناريو. لكن مرة أخرى تفوقت البراغماتية. فقد تخلت روسيا عن خيار تمرير الأمر بالقوة، ما كان سيؤثر على علاقاتها مع الدول العربية التي أصابتها تداعيات اقتصادية شديدة بسبب الحرب في أوكرانيا”. 

 

 

 

 

 

 

المصدر : (المغرب الآن + أ ف ب + إ إسرائيل)