ماكرون يحث الجالية المغاربية على التصويت له .. بروز الصوت المغربي في انتخابات فرنسا

0
103

قبل يوم من الصمت الانتخابي، ويومين على موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، اختار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون ضاحية “سان دوني” بباريس ، المعروفة بأنها تحوي اكبر ساكنة مغاربية بالعاصمة ليوجه تحذيرا للجالية المغاربية المقيمة بفرنسا، في حالة فوز مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان ،قائلا : “إن المغاربة المقيمين بفرنسا، مهددون بالطرد من منازلهم في حالة ما إذا فازت لوبان في الانتخابات”.

يأتي تحذير ماكرون للمغاربيين بهدف حثهم على التصويت له عليه ضد منافسته لوبان ، معتبرا أن فوز مارين لوبان، وظفرها برئاسة فرنسا، لا يعني سوى استهداف الأقليات التي لها أصول أجنبية.

ويتنافس في الانتخابات 14 مترشحا أبرزهم الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، ومرشح اليمين المتطرف إريك زمور، والمرشحة اليمينية مارين لوبان، إضافةً إلى مرشح حزب “فرنسا الأبية” اليساري جون لوك ميلانشون.

واستشهد ماكرون، بمجموعة من الأقوال والعبارات التي سبق لمارين لوبان أن أطلقتها، منها تأكيدها أنها ستعطي للفرنسيين الأولوية في السكن وفي فرص العمل إذا تمكنت من بلوغ رئاسة فرنسا، وأشار ماكرون الى أن المرأة المغربية التي تعيش الآن وضعا طبيعيا في فرنسا، سيكون لا محالة الطرد من سكنها الاجتماعي، إذا فازت مرشحة اليمين المتطرف في الانتخابات.

الأقلية المغاربية رقم مهم في الانتخابات الرئاسية، حيث تعد من أكثر الأقليات الأجنبية تأثرا وتأثيرا بالانتخابات ونتائجها، وتمثل بين 5 و6 في المئة من جملة الناخبين في فرنسا الذين يتجاوز عددهم 45 مليونا.

في هذا السياق، كان سفير الجزائر لدى باريس عنتر داود، قد صرح خلال الأزمة الدبلوماسية بين البلدين في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أن “على الجالية الجزائرية في فرنسا أن تلعب دورها في الحياة السياسية وتؤثر في المشهد الفرنسي”.

ويستأثر الجزائريون بأعلى نسبة ولادات للأقليات المهاجرة، بلغت 12.7 في المئة وفقا لأرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا، ويأتي المغاربة في المرتبة الثانية بـ12 في المئة، والتونسيون في المرتبة الرابعة بـ4.5 في المئة.

وتشير إحصاءات إلى أن عدد الجزائريين في فرنسا بلغ 5.5 مليون نسمة، مقابل 3 مليون مغربي، فيما يقدر عدد التونسيين بحوالي مليون.

يحتل ملف الهجرة، المرتبة الخامسة في أولويات الناخب الفرنسي بعد القدرة الشرائية والحرب في أوكرانيا والبيئة والنظام الصحي، حسب تقرير شركة “إبسوس” المختصة في عمليات سبر الآراء.

وجاء في التقرير أن 22 في المئة من الفرنسيين، يعتبرون ملف الهجرة محدد مهم في اختيار رئيس البلاد القادم، فيما تشير الأرقام إلى أن 4 من 10 فرنسيين يدعمون فكرة التصدي للهجرة.

ومثلت الهجرة محورا هاما في البرامج الانتخابية، حيث يعتبر مرشحو اليمين، المهاجرين عبئا على المجتمع الفرنسي و سببا في انتشار كل الظواهر السلبية من جريمة وغيرها.

وأعلن إريك زمور، مرشح اليمين المتطرف نيته إحداث وزارة لإعادة المهاجرين وطرد الأجانب، متعهدا بطرد مليون مهاجر خلال فترة حكمه.

كما شدد زمور بأنه وفي حال وصوله إلى الحكم سيزور كل من الجزائر والمغرب وتونس للاتفاق معهم حول تنظيم عودة المهاجرين.

فيما يرفض مرشحو اليسار معاملة المهاجرين بشكل سيئ، ويؤكد بعضهم على أن مصلحة الاقتصاد الفرنسي تكمن في عدم الاستغناء عنهم، خاصة وأن بعض القطاعات تقوم عليهم، على غرار قطاع البناء والمستشفيات والمطارات والفنادق وشركات التنظيف والأمن والنقل والسيارات أو صناعة المواد الغذائية، حسب ما جاء في البيان الانتخابي لمرشحة حزب “النضال العمالي” نتالي أرتو .

وفي السنوات الأخيرة تصاعدت حملة “الإسلاموفوبيا” (الخوف من الإسلام) في الإعلام الفرنسي، حيث يتبنى اليمين واليمين المتطرف هذا الخطاب، فيما يعتبر المفكر الفرنسي فرنسوا بورغا، أنه أصبح “خطاب رسمي يعبر عن موقف الدولة”.

ويعد قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية” أو ما يسمى بقانون” الانفصالية”، الذي يستهدف المسلمين من أهم مظاهر توجه الدولة الفرنسية برئاسة ماكرون نحو شرعنة خطاب العنصرية ضد المسلمين.

هذا ما أفاد به أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الجزائرية عمار سيغة، قائلا: “يعد قانون الانفصالية خطوة عدائية من قبل الحكومة الفرنسية تجاه المسلمين بهدف استمالة أنصار اليمين واليمين المتطرف من قبل ماكرون”.

في هذا الصدد، أجرى معهد Ifop دراسة ميدانية لصالح صحيفة لاكروا La Croix الفرنسية ذات الاتجاه المسيحي الكاثوليكي، وهي من أعرق الصحف الفرنسية، حيث أسّسها قساوسة كاثوليكيون إلى سنة 1883، لمعرفة ميول الناخبين وكيفية تصويت الطوائف الدينية. وقد أجريت الدراسة إبان يوم اقتراع الدور الأول للانتخابات الرئاسية الفرنسية، وأظهرت أن نسبة المسلمين المصوّتين بلغت 77% وهي نسبة محترمة جدا، إذ من الواضح أنها أعلى من المعدل الوطني البالغ 74.9%، خصوصا إذا عرفنا أن غالبية المسلمين لا تنتمي للفئات الاجتماعية العليا المعروفة بكثافة تصويتها، لكن كثرة التهجّم عليهم واستهدافهم أيقظت عديدين منهم، ودفعتهم أخيرا إلى التحرّك.

نسبة تصويت المسلمين العالية يزيد من أهميتها تصويتهم بأغلبية ساحقة على مرشّح واحد، حيث صوّتوا بكثافة لميلانشون بنسبة تناهز 70%، يليه الرئيس ماكرون بنسبة 14% ثم مارين لوبان بنسبة 7% (ولهذا التصويت تفسير)، في الوقت الذي تشتّتت فيه أصوات ناخبي الطوائف الأخرى. وإذا كان 80% من الناخبين الكاثوليك قد قسموا أصواتهم على مرشحي اليمين بشقية التقليدي والمتطرّف ثم الوسط، فإن 36% من البروتستانت صوّتوا لصالح الرئيس ماكرون.لا

ندري لِماذا أغفلت الدراسة تصويت الطائفة اليهودية التي يقدّر عددها في فرنسا بحوالي 700 ألف شخص، لكن تصويت اليهود الفرنسيين في كيان الاحتلال أعطى الصدارة للعنصري، إريك زيمور، بنسبة 50%، والذي لم يحصل إلا على 7% في المجموع النهائي من الأصوات، ويصوّت اليهود الفرنسيون غالبا بحسب موقف المرشّح من الطائفة والصراع العربي الإسرائيلي.

جاء في استطلاع رأي صادر عن “معهد دراسات الرأي والتسويق في فرنسا والعالم”، شمل 1108 ناخبين من أصول إفريقية، أن 38 في المئة من المستجوبين من أصول جزائرية ومغربية وتونسية ينوون التصويت للمرشح جون لوك ميلانشون، فيما ينوي 25 في المئة منهم التصويت للرئيس الحالي ماكرون.

تختلف وجهات النظر بين قدرة الأقلية المغاربية على التأثير في الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين مؤيد ومشكك.

يقول الأكاديمي سيغة: “تبقى الجالية المغاربية في فرنسا مهمة في كل مناسبة انتخابية، لاسيما وأنها تمثل الرقم الأعلى من حيث المقيمين، بالإضافة إلى ما يجمع بين فرنسا والمغرب العربي من روابط تاريخية ومصالح اقتصادية”.

وأضاف أن “تأثير الجالية المغاربية يظهر أيضا من خلال المواقع المهمة التي يشغلها العديد منهم خاصة في مجالات الإعلام والثقافة والرياضة”.

وأرجع المتحدث “اهتمام بعض المرشحين بالناخب المغاربي وقضاياه إلى تأثيره المهم في نتائج الانتخابات”.

في المقابل، يرى الأكاديمي المحرزي، أن “الكتلة المغاربية في فرنسا كتلة مهمة ولكن غير مؤثرة كما يجب، خاصة في ظل عزوف أغلبهم عن المشاركة بالانتخابات، حيث لا تتجاوز عادة نسبة المصوتين منهم 50 في المئة”.

وأوضح أن غالبية الأقلية المغاربية “خاصة الجيل الثالث من أبناء المهاجرين قد اندمجوا في المجتمع الفرنسي وصار ما يحدد اختياراته هو القضايا الجامعة للفرنسيين على غرار مواجهة غلاء الأسعار وتخفيض التأثيرات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا”. 

تصويت 70% من مسلمي فرنسا لمرشّح واحد يعني بدء تكوين كتلة ناخبة قوية تدافع عن مصالحها العامة، وتقدّمها على المصالح الشخصية. ليس الحديث عن تكوين لوبي عربي أو إسلامي، لأنه ليس كذلك، فعكس كل الطوائف الدينية، لا توجد أيّة هيئة تمثل مسلمي فرنسا وتحمل رايتهم، ومجلس الديانة الإسلامية الذي أقبر أخيرا ورفضت الحكومة الفرنسية التعامل معه، يستعد لحلّ نفسه ولا اعتبار له، لكنها ردّة فعل أمام خطر محدِق، وبداية وعي وإدراك واستيعاب للمشروع اللا مجتمعي العنصري الفاشي لليمين المتطرّف الفرنسي الذي لا يريد من المسلمين الاندماج، لكنه يريد لهم أن يبقوا مسلمين من دون إسلام، ويذوبوا داخل المجتمع الفرنسي، ويغيّروا أسماءهم وهويتهم، ولو كان بالإمكان تغيير سحناتهم وبشرتهم لطلب منهم ذلك.

 

 

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا