ما أغرب إطلالة ظهر بها اللاعب حكيمي؟ ” أخطر من آلاف الكلمات”..حاجة الشباب إلى القدوة لبناء الشخصية

0
139

يُعد مصطلح “القدوة” من المصطلحات المهجورة في زماننا، على الرغم من أهميته، كيف لا وهي أحد الركائز التي يقوم عليها المجتمع، كما تُعد انعكاسًا لاهتمامات المجتمع. القُدوة تعني الأسوة أو المثل الأعلى، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. فالقدوة لا يشترط بها أن تكون حسنة، والغالب في هذا الزمان هو انجذاب الشباب للقدوات السيئة خلقًا وفعلًا. قديمًا، انحرف كثير من الأقوام عن الصواب، بفعل اقتداءهم بآبائهم وأجدادهم، فاستحقوا عذاب الله وسخطه.

في استغلال الأوقات المناسبة، والأحداث الجارية؛ لطبع ما تريد من قيم وأخلاق في … وعدلهم فكانوا أبطالاً في كل ميادين الحياة وقدوة لمن أراد القدوة الحقيقية. 

يحرص نجوم كرة القدم على اختيار إطلالاتهم إلا أن اللاعب الدولي المغربي أشرف حكيمي اختار إطلالة كانت مثار سخرية واستهجان من الجمهور  حتى أن الانتقادات وصلت في بعض الأحيان إلى درجة لاذعة وقاسية جداً. 

سخر الجمهور من إطلالة اللاعب المغربي أشرف حكيمي والتي ظهرت على غلاف مجلة du Monde الفرنسية وأطل في  يشبه أولي الإربة من الرجال مع كولي للنساء أبيض للمرجان الفاخر في إطلالة شعر الجمهور أنه يشبه (..) فهو في غنى عن مثل هذا الأمر.

جاء في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (  إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه  ) بين الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام  في هذا الحديث :- ان الناس قسمين.. مفاتيح للخير..  و مفاتيح للشرِّ   لقدوة الصالحة وأثرها على الفرد والمجتمع .

في زمننا هذا مفاتيح الشر كثرة وانتشرت واتسعت وعمت و طمت  وأهلكت الأخضر واليابس ودمرت الأوطان وقهرت الشعوب . وأصبحت المصالح فوق القيم والمبادئ والأخلاق  . ولا عجب عند ما نرى ما نحن ندندن حوله!! الله المستعان.

“القدوة” “الرموز الشخصية” “المثل الأعلى” جميعها مفاهيم يمكن أن تسهم في بناء الفرد أو تدميره، وتبدو تلك المفاهيم ذات أهمية وتأثير قوي، خاصة في المجتمعات التي لا تزال في طور النمو والتطور، كيف يمكن لمفهوم القدوة أو المثل الأعلى أن يكون مدمّرًا وخطرًا على الفرد والجماعة؟

“القِدوة” أو”القُدوة” في اللغة تعني الأسوة، وتدل على الشيء الذي تقتبسه وتهتدي به، وعلى هذا هناك فرق بَيِّنٌ بَيْنَ القدوة والقدوة الحسنة؛ فالقدوة لا يشترط فيها أن تكون حسنة، فقديمًا اقتدت الأمم التي حل عليها عذابُ الله وسخَطُه بالآباء والأجداد، ولم يكن هؤلاء قدوة حسنة في انحرافهم عن الصواب والتوحيد، ومع هذا اتبعهم أبناؤهم وأحفادُهم، فكانت نتيجة اقتدائهم بهم الهلاك، إذًا لماذا اقتدى الأبناء بالآباء على الرغم من كونهم قدوة سيئة؟ ولماذا لم يميز هؤلاء ولم يتبينوا فساد القدوة التي اتبعوها؟ 

حسبنا فيهم إنهم اهتموا  بلذة ساعة ونسوا أو تنسوا  أهوال  يوم الساعة حيث قال الله في محكم كتابة :- } وَيَوْمَ يعضُ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيهِ يَقولُ يَا ليتَنِي اتَخَذتُ مَع الرَّسُولِ سبِيلًا * يَا وَيْلَتَى ليتني  لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا{   

 

في عصر – السوشيال ميديا – والانفتاح الثقافي، اختلف مقياس القدوات أو المثل الأعلى، فأصبحت عوامل مثل الشهرة، عدد المتابعين، هي التي تحدد قدوات المجتمعات بغض النظر عن المحتوى المُقدم، وطرئ على مجتمعنا مصطلح “الإنفلونسر” والذي يعني الشخص “المؤثر”، وهو لقب يُطلق على الأشخاص الذين يملكون عدد ضخم من المتابعين، أيًا كان سبب المتابعة. لذلك، يجب أن يدرك الفرد التأثير الذي أصبحت تمتلكه هذه الوسائل. تظهر هذه الأزمة في اتبّاع الملايين من الشباب والفتيات المسلم لمغنيين الكي-بوب، وهو نوع من الموسيقى نشأت في كوريا الجنوبية في التسعينات، وانتشرت في العالم بعد أغنية “جانجام ستايل” حتى وصلت العالم الإسلامي.

نجم كرة القدم قدوة للمسلم

دين الإسلام هو دين أصحاب الهمم العالية، دين البذل، فالقدوة في الإسلام هي الشخصية التي تحمل همّ أمتها وقضاياها، تصبر على التعب والأذى، تتقدم الصفوف بما لديها من علم وعمل، عزيزة النفس، تتصدى لمصاب أمتها، قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة : 4]. والتاريخ والحاضر الإسلامي لا ينضب من القدوات، لكن المشكلة تكمن في التسليط والتصدير الذي يمارسه الإعلام أو مواقع التواصل للكثيرين من عديمي القيمة والأثر كقدوات للشباب، للتقليد، وقد يصل الحال بالكثيرين بتمني أن يعيش في نمط حياة كالتي يعيشها مثله الأعلى! كنجم الكي-بوب الذي يمتلك الملايين من المعجبين والمستمعين حول العالم.

حياة القدوة

أن تكون نجم كرة القدم مشهور ليس بالأمر الهين، حيث تصل فترة التدريب اللازمة لذلك أكثر من عشرة سنوات! بعد ذلك يقوم النجم بتوقيع عقد مع إحدى شركات الترفيه، وهو ما يعرف بـ”عقد العبودية – Slave Contract”، بهذا العقد تمتلك الشركة كامل الحق في التحكم بحياة النجم لمدة تتراوح بين 8 إلى 15 سنة مقابل أجر زهيد، على الرغم من الإيرادات الضخمة، تحكمًا يتجاوز التحكم في الطعام والشكل وأوقات النوم ليصل إلى تحكم الشركة في الأشخاص الذي يتحدث معهم النجم، وتحديد فترات معينة للتواصل مع الأهل على فترات بعيدة، ذلك لأن النجم يُجبر على التدرب لمدة تصل إلى 20 ساعة يوميًا، لذلك يتعرض البعض منهم للإغماء على المسرح نظرًا للإجهاد وقلة النوم، كما تقوم بعض الشركات باستغلال النجمات وإجبارهم على ممارسة الجنس، وهو ما حدث مع “جانغ جا يون” التي أقدمت على الانتحار شنقًا عام 2009 تاركةً رسالة تقول بها أنها أُجبرت على ممارسة الجنس مع نجوم آخرين وهو ما تسبب في إصابتها باكتئاب حاد، وهو ما تكرر مع نجوم كي-بوب آخرين مثل “جونغ هيون – Jonghyun”، “سولي – Sulli” وصديقتها “جو هارا – Goo Hara” الذين أقدموا على الانتحار لنفس الأسباب تقريبًا.

أيعقل أن يكون أمثال هؤلاء من مسلوبي الإرادة والحرية هم الهدف والقدوة للشباب المُسلم؟! لذلك لابد أن ندرك أزمة اختيار القدوات التي تعصف بأمتنا والجيل الصاعد خصوصًا، جنبًا إلى جنب مع تهميش وتغييب القدوات الإسلامية المعاصرة والاكتفاء بالقدوات التاريخية، والتي أصابها التهميش أيضًا واستبدلت بقدوات الغرب.

ختاماً : ينبغي أن نعي الأزمة، وأن نساعد هذا النشء على الفهم، عبر عملية توعوية تبدأ في الأصل من الآباء والأمهات، تتضمن معرفة الرموز الإسلامية في مختلف المجالات، في العصر والتاريخ، ومساعدة الأبناء في فهم آلية اختيار القدوات وكيفية التمييز بين القدوة الحسنة والسيئة، ثم ترك المساحة الكافية لهم للاختيار، فليس الهدف أن نختار لهم قدواتهم، بل تعليمهم كيفية اختيار القدوات، وفقًا للمعيار الشخصي والأخلاقي الذي يجب أن يكون عليه الفرد المسلم.