وزير الاقتصاد والمالية تعترف بغرق البلاد في الديون وعجز غير مسبوق في الميزانية.. تكرار سيناريو الديون خلال الثمانينيات

0
118

 تجاوزت ديون المغرب 880 مليار درهم خلال سنة 2021، وسط توقعات أن تقترض المملكة  3،3  مليار  دولار، خلال سنة 2022، لسد العجز الكبير في الميزانية، والأدهى أن هذه القروض لا توجه لـ”الاستثمار المنتج”، لخلق مناصب الشغل، و رفع الغبن عن الشعب المغربي، الذي يدفع وحده ثمن السياسات العرجاء لحكومة الكفاءات.

لم يأخذ موضوع ما خلال الفترة الماضية كل هذا التكرار كما هو موضوع كفّ مسؤولون مغاربة عن الدعوة إلى التحلي باليقظة والتحوط من مخاطر الإمعان في الاستدانة، حيث يستحضرون ما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قفزت الديون الخارجية من 12.9% من إجمالي الناتج الداخلي في 1974 إلى 43.8% في عام 1982.

قالت وزيرة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة نادية فتاح علوي، إن مديونية المغرب عرفت خلال السنتين الأخيرتين ارتفاعا مهما جدا، وهي ناتجة عن العجز غير المسبوق في الميزانية سنة 2021 بسبب الظرفية، والمجهودات التي بذلت لمواجهة الأزمات المتتالية.

وأشارت في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية، أن هذه الوضعية تتطلب حلولا لتدبير هذه الإشكالية خاصة على المدى القصير مادام أننا لازالنا نعيش هذه الأزمة، إلى جانب تصور على المديين المتوسط والطويل.

وأضافت ” الآن يجب أن نخفض تدريجيا من عجز الميزانية، وتحقيق تخفيض نسبي في التوازتات المالية، تسمح بالولوج إلى مديونية ذات فائدة مقبولة”.

وأكدت أن معالجة مشكل المديونية يتطلب توسيع الوعاء الضريبي، ومواصلة تطوير التمويلات المبتكرة، وتحسين مردودية الملك الخاص للدولة، والتحكم في النفقات، وتحقيق نجاعة أكبر للمؤسسات، وتشجيع الاستثمار الخاص.

ورغم تأكيد المسؤولين في المغرب وجود رصيد من العملة الصعبة في حدود 36 مليار دولار حالياً، وعدم ارتفاع المديونية الخارجية العمومية، حيث تستقر في حدود 38 مليار دولار، إلا أن هناك مخاوف من اللجوء للاستدانة في ظل الظروف الناجمة عن الأجواء العالمية.

ولم تفصح الحكومة، في الفترة الأخيرة، عن سياستها لتمويل الإنفاق الإضافي لمواجهة عجز الموازنة، ما يفتح المجال أمام ترجيح اللجوء إلى الاستدانة من السوق الداخلي أو السوق الخارجي.

وكان قانون مالية لعام 2022، الذي جرى البدء في تنفيذه في يناير/كانون الثاني الماضي، توقع أن تصل القروض إلى 11 مليار دولار خلال هذا العام، موزعة بين 4.4 مليارات دولار من السوق الداخلية و6.6 مليارات دولار من السوق الخارجية.

وتطور الدين العام الذي يشمل الدين الداخلي والخارجي منذ 2019 من 59 مليار دولار إلى أكثر من 70 مليار دولار، حيث انتقلت من 64.8% من إجمالي الناتج الداخلي إلى 75.4%، وهي نسبة يرتقب أن تبلغ 77.8% في نهاية 2022.

ويقول الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، لـصحيفة “العربي الجديد”، إن مديونية الخزانة، ما فتئت ترتفع في الأعوام الثلاثة الأخيرة في شقيها الداخلي والخارجي، ما يطرح التساؤل حول السياسة التمويلية لعجز الميزانية في المغرب.

ويرى أنه كان على الحكومة، من أجل تفادي اللجوء إلى الاقتراض، إجراء إصلاح جبائي لتوفير موارد مالية لتمويل الإنفاق، مضيفا أنه يمكن ألا تمثل الديون الداخلية مشاكل بالنسبة للدولة، إلا أن ارتفاع الديون الخارجية في الفترة الأخيرة يشكل عبئا على الموازنة العامة التي سيكون عليها أداء الفوائد والعمولات سنوياً.

ويعتبر أنه إذا كان المغرب استفاد من معدلات فائدة منخفضة في الفترة السابقة، فإنه يتوقع أن يواجه ارتفاعاً في تكاليف الاقتراض إذا ما قرر اللجوء إلى الاقتراض من السوق الدولية خلال العام الحالي، بسبب صعود أسعار الفائدة ورسوم المخاطر والتأمين. 

كان الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة قد قال، مؤخراً، إن الديون التي يحين سدادها تستدعي غالباً الاستدانة مرة أخرى، وإن أعباء الدين تمثل حيزاً كبيراً على مستوى موازنة الدولة، حيث مثلت أعباء الديون نحو 49.2% من الإيرادات الجبائية الصافية للدولة خلال العام الماضي.

ولفت إلى أن نسبة مديونية الخزانة من إجمالي الناتج الداخلي كانت يمكن أن تكون أكبر من 75.4%، لو لم تعمد الدولة إلى تعبئة موارد عبر الهبات ومساهمات الشركات والموظفين والمواطنين من أجل ضخ إيرادات في صندوق مكافحة جائحة كورونا.

وشدد مدير بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري على أنه لا يجب أن تذهب القروض لتمويل نفقات التسيير، مشيرا إلى أن القروض يفترض أن توجه للاستثمارات الجيدة، التي تتيح خلق الثروة وتسهل على الدولة سداد الديون، من أجل عدم نقل أعبائها إلى الأجيال المقبلة. 

وتذهب تلك القروض، وفق خبراء اقتصاديون، ” لسد عجز الميزانية وتسديد الديون وفوائدها الكبيرة وليس للاستثمار المنتج، الذي يخلق فرص العمل، لامتصاص البطالة المتفشية، بشكل مهول او الى القطاعات والخدمات العمومية الاجتماعية، ما يعمق معاناة الشعب المغربي  و يحرمه من حقوقه الأساسية  في الصحة و العلاج والتعليم والسكن والحماية الاجتماعية “. 

وحول حجم المديونية في المغرب، يرى خبراء اقتصاديون ، أن الاستدانة من صندوق نقدي الدولي أو باقي المؤسسات المالية الدولية، من بين اجراءات الاعلان على الافلاس، الذي يشهده هذا البلد، خاصة، في ظل نسب النمو الضئيلة جدا، و التضخم الذي يتراوح  بين 7 و 8 في المائة .

وقالوا في هذا الصدد، ” الاقتصاد المغربي يعاني من هشاشة كبيرة، و نسبة المغاربة الموجودين تحت خط الفقر كبيرة جدا “، مستدلا في هذا الاطار بتقارير منظمات اقتصادية دولية تتنبأ ” بإشكاليات عميقة في قطاع الفلاحة و الصناعة، خاصة و أن المغرب يفتقر للمواد الاولية في الكثير من القطاعات “.

وأوضحوا، أن فقدان المغرب لمصفاة لا سمير هو ” انذار حقيقي”، لفقدان المزيد من مناصب العمل ، ما يؤدي الى انهيار القدرة الشرائية، و ما أضر كثيرا بالاقتصاد المغربي، وفقه، هو اعتماده كليا على قطاعات تأثرت كثيرا بجائحة كورونا، كما هو الامر بالنسبة لقطاع السياحة.

كما اشار ذات الخبراء، الى أن واردات المغرب تبلغ 55 مليار دولار في حين أن صادراته  لا تتجاوز 25 مليار دولار، أي أن العجز السنوي للميزان التجاري يتراوح بين 25 و 30مليار دولار.

وذكروا، أن رهن المغرب لسياساته الاقتصادية لصندوق النقد الدولي، الذي يسعى الى  فرض ضوابط  مجحفة، خاصة ما تعلق برفع الدعم سيكون الوضع معه ” مؤلم للشعب المغربي “، ما يهدد ” بانفجار شعبي و انفلات أمني”، جراء تدهور الظروف المعيشية.

 

 

استطلاعات رأي: معظم المغاربة غير راضين عن مخرجات الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات