وزير يتحدى وطن!!.. وهبي خبر استقالتي غير صحيح وهي محض أحلام ..لماذا لا يستقيل الوزراء والمسؤولون في المغرب؟

0
193

بعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، الذي قال فيه الملك المفدى محمد السادس حفظه الله : “كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا”، فهل تؤشر هذه الجملة على أول استقالة لوزير العدل في حكومة الملياردير “عزيز أخنوش”  بعد استقالة وزير الحقوق الإنسان سنة 1996؟

الصحفي السوسي يعلق بالقول: انه من الصعب جدا ان يترك الوزير او المسؤول منصبه رغم وضوح فشله وتخبطه، وتسببه المباشر في تعثر المشاريع وحدوث تجاوزات مالية وادارية. الاستقالة في حالة الفشل تعتبر عملا وطنيا رائعا، لأنها تكشف عمق المشكلة لا سيما ونحن في عصر بناء الدولة الحديثة. ولكن وفق ثقافتنا لن نجد من يستقيل من منصبه ويتركه من اجل المصلحة العامة، او عند الفشل في تحقيق الأهداف. في المجتمعات المتحضرة، هناك ضمير وامانة ومحاسبة وحس وطني، وعندما يشعر الوزير او المسؤول انه ليس اهلا للمنصب، ولا الثقة الممنوحة له، فانه وبكل بساطة يقدم على الاستقالة.

رفضت الحكومة التعليق على الجدل  المثار حول الموضوع، خلال الندوة الصحافية التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، اليوم الخميس.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن “هذا الموضوع يهم وزارة العدل، وأن عبد اللطيف وهبي لديه موقف واضح حول هذا الموضوع، سيشرحه في الساعات المقبلة”، داعيا إلى انتظار التوضيح. 

وأضاف بايتاس، خلال ندوة صحافية عقب انعقاد المجلس الحكومي اليوم الخميس: “لقد تحدثت مع وزير العدل حول هذا الموضوع، وأخبرني بأن له موقفا واضحا سيشرحه في الساعات المقبلة”. 

وفي هذا السياق ، في تصريح  لـ “موقع العمق” ، نفى وزير العدل عبد اللطيف وهبي صحة ما راج عشية، اليوم الخميس، عن استقالته من منصبه على خلفية الضجة التي أثارتها نتائج الامتحانات الكتابية الخاصة بمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة.

وأكد وهبية للموقع،  أنه يواصل مهامه كوزير في الحكومة، بشكل عاد، معتبرا أن من يروجون لخبر استقالته يسعون للوصول إلى نتائج “هي محض أحلام”.

يضيف الموقع ، كانت منابر إعلامية، قد أوردت أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد قدم استقالته من منصبه، كما أنه سيقوم بفعل مماثل على رأس حزب الأصالة والمعاصرة. 

الكاتب والصحفي ن جمال السوسي، يستبعد أن يقدم أي مسؤول مغربي على تقديم استقالته، قائلا: “المغرب عرف أحداثا تشكلت على إثرها لجان تقصي الحقائق، لكنها عرفت تأخرا في نتائجها وأحيانا غيابها، الأمر الذي يدفع بالمواطن إلى التشكيك في مدى جديتها وجدية المساءلة وترتيب الجزاءات على المسؤولين المعنيين”.

ويضيف المتحدث، أنه من الضروري التطبيق الصارم لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور، التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، على حد تعبيره.

ويردف الكاتب والصحفي السوسي موضحاً: “الوقت قد حان للتفعيل الكامل لهذا المبدأ على جميع المغاربة، وأولهم المسؤولين وبدون تمييز حتى نكون أمام دولة الحق والقانون، لأن انتظار مسألة تقديم الاستقالة من طرف المسؤولين هو أمر قد يطول انتظاره حتى تتغير العقليات ويتقوى حس المسؤولية”.

ويشير السوسي ، إن “منطق المناصب بالمغرب يجعل المسؤول يرى المنصب كسلطة وامتياز يعزله عن المحاسبة، لهذا فإن ثقافة الاستقالة في الممارسة العملية تكاد تكون منعدمة تماما”. 

ويرجع السوسي، عدم إقدام مسؤولين حكوميين مغاربة على تقديم استقالتهم بالقول إن “المسؤولين يرون في مناصبهم مصلحة قد تكون مادية بحتة وقد تكون معنوية، مثلما تعني الاستقالة بداية الخوف من المساءلة والمتابعات القضائية، لهذا فإن المسؤول، حتى في حالة إقالته، فإنه يكون طامعا في العودة إلى السلطة ولو من باب ضيق”.

ويزيد بالقول إن تشبث المسؤولين بالمنصب ورفض الاستقالة مرتبط بمنطق تعيين المسؤولين. “الكثير منهم يعين بمنطق سياسي، وهذا المنطق يعتمد على ترجيح المصالح على النجاعة وتحمل المسؤولية، وهنا أصل إشكالية التشبث بالمنصب أو الكرسي”، يزيد المحلل السياسي قبل أن يضيف: “ممارسة الشأن العام يغيب فيها منطق مؤسسات الدولة ودولة القانون ويحضر منطق الزبونية”والمزاجية.

في نفس السياق، إن سبب تنامي الهجرة غير الشرعية في المغرب، و هروب الشباب نحو الضفة الأخرى مجازفين بأرواحهم، هو نتيجة لتفاقم المأساة الاجتماعية التي يعيشها المغاربة، جراء سياسات الحكومة اللاشعبية، و ما يتعرض له الشباب المغربي اليوم من إقضاء وتهميش ، ولا يعني أن تتخرج اليوم من كلية الحقوق على سبيل المثال لا الحصر، بأنك مخولٌ بممارسة مهنة المحاماة فمازال أمامك التدريب وامتحانان من التحرير ومقابلة حتى يسمح لك الترافع أمام المحاكم.   

وتحولت امتحانات مزاولة مهنة المحاماة إلى قضية رأي عام بالمغرب، بعد أن تعالت الأصوات المطالبة بفتح تحقيق في نتائجها بسبب شبهات “تزوير وتلاعب”، في مقابل دفاع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن شفافيتها ورفضه هذه الاتهامات.

“مـازال العاطـي يعطـي” ظهور اسم مستشارة وزير العدل ومدير التجهيز بالوزارة في صفوف الناجحين بـ “مباراة المحاباة”

وأظهرت نتائج الامتحان الكتابي التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي، أن عددا من الناجحين أقارب لمسؤولين سياسيين وقضائيين ونقباء بهيئات المحامين، ومن ضمنهم نجل وزير العدل، ما أثار جدلا واسعا، تفجّرت معه اتهامات بـ”المحسوبية” وبـ”عدم المصداقية”. 

ووصل جدل المباراة إلى البرلمان، حيث طالبت النائبة البرلمانية عن تحالف فيدرالية اليسار بمجلس النواب، فاطمة الزهراء التامني من وزير العدل، الكشف عن الإجراءات المتخذة، بشأن “الاختلالات التي طالت نتائج الاختبار الكتابي لامتحان الحصول على الأهلية”.

وعددت النائبة البرلمانية، في سؤالها الكتابي، “الاختلالات” التي رافقت امتحان ولوج مهنة المحاماة، “بدءا بسوء تدبير الاختبار الكتابي، مع عدم توفير الموارد البشرية الكافية للحراسة، وتفشي الغش، بالإضافة إلى تسريب الاختبار الكتابي قبل الامتحانات”.

كما أشارت السياسية المغربية، في سؤالها إلى أن نتائج الامتحان الكتابي، أظهرت “نجاح مجموعة كبيرة من الأسماء التي تربطها علاقات قرابة مع مسؤولين كبار بوزارة العدل أو بنقباء ومحامين ينتمون إلى مختلف الهيئات”، مما يبين بحسبها “محاولة احتكار هذه المهنة النبيلة من طرف فئة محددة وحرمان أبناء الشعب من حظوظهم في النجاح والترقي الاجتماعي”.

من جانبها، طالبت مجموعة من الهيئات الحقوقية، بإلغاء نتائج الامتحان الحالي وإعادة تنظيم مباراة جديدة، وذلك على خلفية الانتقادات والشكوك المثارة حول المباراة التي نظمت شهر دجنبر الماضي.

في هذا السياق، دعا المركز المغربي لحقوق الإنسان (غير حكومي)، إلى “اتخاذ قرار مسؤول لتصحيح هذا الوضع، وإعادة الاعتبار لنزاهة ومصداقية الامتحانات، وذلك من خلال تعليق امتحان المحاماة، وفتح تحقيق حول الخروقات التي عرفها الامتحان الكتابي”.

وأضاف المركز في بيان توصل به موقع “المغرب الآن”، أن إعادة المباراة ضروريّ، بعد “ورود معلومات تفيد بتسريب أسئلة الامتحان، وظهور أسماء في صفوف الناجحين لها صلات قرابة عائلية بشكل واضح ومتكرر، ومنهم أبناء محامين وقضاة”، بالإضافة إلى “نشر معلومات خطيرة حول نجاح بعض المترشحين حتى قبل اجتياز الامتحان الشفوي”.

من جانبها، وجهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية)، مراسلة إلى النيابة العامة، للمطالبة بفتح تحقيق حول نتائج اختبارات الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة.

وأوضحت الجمعية، أن طلبها إجراء تحقيق، يأتي بعد توصلها بعشرات طلبات المؤازرة من طرف عدد من الراسبين وما خلفته عملية إعلان نتائج الاختبارين الكتابيين من ردود فعل، إلى جانب ما تلاها من تصريحات صادرة عن وزير العدل باعتباره المسؤول الأول عن جميع مراحل هذا الامتحان.

واستغرب الكثيرون نجاح 2081 مرشحا فقط من أصل 48 ألف متبار اجتازوا الامتحان، في الوقت الذي عرفت فيه امتحانات عام 2019، نجاح 4 آلاف متبار رغم أن عدد المشاركين لم يتجاوز 30 ألفا.

في هذا السياق، صرح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أنه تعرض لضغوط قوية من أجل ألا يتجاوز عدد الناجحين في الامتحان سقف 500 أو 600 ناجح، مشيرا إلى إصراره بالمقابل على رفعها من 800 إلى 2081.

في هذا الجانب، طالبت العصبة رئيس النيابة العامة، بالتحقيق في طبيعة الضغوط التي قال الوزير إنها تعرض لها، والجهة التي مارستها في حقه. 

في العالم العربي، الوزراء والمسؤولون التنفيذيون لا يستقيلون طواعية من انفسهم مهما ارتكبوا من مخالفات غير قانونية او قصروا في اداء واجباتهم الوظيفية، او ثبت عدم امانتهم ونزاهتهم وكفاءتهم العلمية والعملية، ولا يقالون إلا في حالات نادرة جدا، بل في اغلب الحالات – وحين يبلغ السيل الزبى – يحالون على التقاعد معززين ومكرمين (يستلمون كامل رواتبهم ومخصصاتهم) ليتفرغوا لإدراة اعمالهم الخاصة التي أسسوها خلال تقلدهم لمناصبهم الرسمية تحت أسماء اولادهم او زوجاتهم او اقرباءهم، وليصبحوا لاحقا من طبقة رجال الاعمال ونخبة المجتمع. واذا سنحت لهم الفرصة ترشحوا لعضوية البرلمان في بلدانهم، وربما يعينون في مجالس الشورى.

استقالة الوزراء والمسؤولون التنفيذيون هي ثقافة مجتمعية لم يتعود عليها العالم العربي، وهي تعد من الأمور الحضارية المتقدمة التي لم نصل اليها بعد، وهي تمارس بشكل طبيعي في الدول الغربية وبعض دول جنوب شرق آسيا خصوصا اليابان وكوريا الجنوبية. وفي هذين الدولتين لا يكتفي البعض بمجرد الاستقالة، بل يبلغ بهم تقدير جسامة المسؤولية في بعض الحالات الى الاقدام على الانتحار.

في العالم العربي لا يحق للوزراء الاستقالة، طالما انهم لا يستشارون خلال تعيينهم إلا نادرا، فالكثير منهم لم يسمع بأنه اصبح وزيرا سوى في نشرة الاخبار، ومنهم من يعين على رأس وزارة وهو لا يفقه فيها شيئا. كما ان بعض انظمة الحكم علمت الوزراء ان الاستقالة تعني عداوة مع النظام وانشقاقا عليه، وفي هذه الحالة يحل العذاب المهين، ولا تنفع الشفاعة.