احتجاج على “اتهام” بنكيران لأكبر صحيفة بـ”الصهيونية”.. و لغزيوي: خطاب تحريضي و دعوة صريحة للكراهية والعنف والترهيب

0
168

وجهت نقابة الصحفيين المغاربة، انتقادات واسعة على تصريحات الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، عبدالإله بنكيران الأخيرة التي هاجم فيها جريدة “الأحداث” المغربية، وهي  واحدة من أكبر الجرائد المغربية، مُشككاً في مصداقيتها ومهنية صحفييها، وواصافاً إياها بـ”المدسوسة” والتي “تعمل ضد الأخلاق والقيم”، بحسب تعبيره.

وكان الأمين العام لحزب العدالة والتنمية قد وصف، خلال انعقاد المجلس الوطني (برلمان الحزب) أول من أمس السبت بمدينة بوزنيقة (جنوب العاصمة المغربية الرباط) “الأحداث المغربية” بأنها جريدة “صهيونية”. ويعد الهجوم في إطار العلاقة المتوترة بين بن كيران والصحيفة نظرا للخلاف الأيديولوجي بينهما.

وقال: “لأن الناس يعرفون أنكم جهة مدسوسة، مواقفكم كلها تسير ضد المبادئ والأخلاق والقيم، وأنكم متصهينون، وأنكم لا تمثلون هذا البلد.. وأن الصهاينة إخوانكم”.

هذا السلوك الصادر عن زعيم العدالة والتنمية في المغربي، أثار استنكار رجال الصحافة والإعلام في المغرب، وعلى رأسهم الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، التي استهجنت ما صدر عن ابن كيران من الكلام “غير مسؤول”.

https://www.youtube.com/watch?v=CR6mx9-_3A8

وفي بيان للنقابة الوطنية للصحافة المغربية وصل “المغرب الآن” نُسخة منه، عبرت عن استغرابها الشديد للتهجم الذي قاده عبد الإله ابن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة الأسبق. 

واستنكرت نقابة الصحفيين هذا الاستهداف المجانب لأبسط أخلاق السياسي”، مثيرة الانتباه إلى العبارات الحاطة من كرامة الصحافيين والصحافيات ومجموع العاملين في جريدة الأحداث المغربية التي تضمنها العرض السياسي الذي ألقاه السيد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أمام دورة المجلس الوطني للحزب نهاية الأسبوع الماضي. 

وإذ تعتبر النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن جملة الأوصاف والاتهامات التي تضمنتها كلمة السيد عبد الإله بنكيران في حق الزملاء والزميلات في جريدة الأحداث المغربية تكتسي خطورة بالغة، فإنها تثير الانتباه إلى مزالق مثل هذا الخطاب التحريضي باعتباره دعوة صريحة للكراهية والعنف والترهيب.

وقالت في بيان إن “ما أقدم عليه بنكيران يعد تصرفاً لا يليق بمسؤول سياسي، تحمّل مسؤوليات كبيرة، كان يفترض فيه أن يقدم القدوة والنموذج، فيما يتعلق بتعامل الطبقة السياسية مع وسائل الإعلام”.

واعتبرت أن “جملة الأوصاف والاتهامات التي تضمنتها كلمة عبد الإله بنكيران في حق الزملاء والزميلات في جريدة الأحداث المغربية تكتسي خطورة بالغة، فإنها تثير الانتباه إلى مزالق مثل هذا الخطاب التحريضي، باعتباره دعوة صريحة إلى الكراهية والعنف والترهيب”.

وقال مدير نشر جريدة الأحداث المغربية، المختار لغزيوي، في تصريح: “ومع ذلك لم تتوقف مساعي قتلنا رمزياً، لكن إيماننا برسالتنا الإعلامية، وبقناعاتنا الوطنية والديمقراطية، كان دائماً زادنا في الصمود والاستمرار… غير أن الأمور اليوم وصلت منحدراً خطيراً عنوانه العريض عدم الاكتفاء بقتلنا رمزياً، بعد أن تم الانتقال في تطور مفاجئ إلى التحريض عملياً على قتلنا مادياً”.




وبينما عبّرت النقابة عن مساندتها الكاملة لكل خطوة تقدم عليها “الأحداث المغربية” من أجل رد الاعتبار، تقدم مسؤولو الصحيفة بشكوى إلى المجلس الوطني للصحافة ضد رئيس الحكومة السابق، معتبرين أن الخطوة “لا تنطلق أبداً من سوء نية، أو رغبة في الإيذاء، وعلى العكس من ذلك تماماً، عبّرنا عما يكفي من حسن النية، والاستعداد لطي حالات سوء الفهم بالحوار والنقاش”.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها بنكيران صحيفة “الأحداث المغربية”، كما كانت علاقته، خلال فترة رئاسته للحكومة، متوترة مع بعض وسائل الإعلام غير الموالية لحزبه.

صباح يوم الجمعة 18 ديسمبر (كانون الاول) عام 1975، توجه شابان مغربيان في بداية عقدهما الثاني هما مصطفى خزار وسعد احمد، الى الحي الذي يوجد فيه منزل عمر بن جلون، القيادي البارز في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقبعا ينتظران خروجه، ولما اهل بن جلون بادلاه اطراف الحديث، وبعد نقاش تحول الى مشادات دامت ربع ساعة تقريبا سقط بن جلون بعد ان طعنه خزار بمبرغ طعنة قاتلة يتمت اطفالا، وحزبا كان يستعد لخوض معركة سياسية جديدة في مغرب جديد.

غيبت الطعنة القاتلة وجها بارزا كان منتظرا ان يكون لاعبا أساسيا في مرحلة الانفتاح السياسي، الذي قاده الملك الراحل الحسن الثاني، بعد تنظيم المسيرة الخضراء، واسترجاع الصحراء من الاستعمار الإسباني، وهو الانفتاح الذي اصطلح عليه في المغرب بـ«انطلاق المسلسل الديمقراطي». لعب عمر دورا محوريا في صياغة التقرير المذهبي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي شكل قطيعة فكرية مع الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وهو التقرير الذي انتقل بموجبه الحزب من تبني الخيار الثوري الى تبني ما سماه «النضال الديمقراطي».

كان المغرب بالفعل يخطو باتجاه مغاير لحالة الالتباس والتصادم التي ميزت سنوات ما بعد الاستقلال. وفي مقابل ذلك كان هناك من يتربص عند مفترق الطرق للإجهاز على المسلسل ورموزه. مات عمر.. مات أمل الحزب ونجمه الصاعد. سال مداد الصحف كثيرا.. وزاد الاحتقان رغم بزوغ شمس الانفتاح. شارك الاتحاد الاشتراكي في انتخابات 3 يونيو (حزيران) 1977.

واصل النضال في صفوف المعارضة وفي قلب مناضليه غصة غياب عمر وفقده. ما اشبه اليوم بالامس.. كان يوما حزينا وكئيبا زادته أجواء طنجة الملبدة بالغيوم كآبة، يوم سمعت من والدي خبر اغتيال عمر، وعمري وقتذاك تسع سنوات. آنذاك لم يخطر ببالي قط انني سألتقي قاتل عمر في يوم غائم، بعد مرور 29 سنة. اعتقدته انسانا جبارا.. فوجدته هزيلا نحيفا يمشي بصعوبة ويتحرك بشق الأنفس، ولولا العكاز الطبي لعُدّ من المشلولين.

شهد المغرب عام 2021 تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية متزامنة لأول مرة، جاءت نتائجها أشبه بـ”زلزال” بعد خسارة حزب “العدالة والتنمية” (قائد الائتلاف الحكومي السابق لولايتين متتاليتين بين 2011-2021) وتراجعه المفاجئ للمرتبة الثامنة.

للمرة الأولى في تاريخ المملكة، قاد “العدالة والتنمية” الحكومة منذ 2011، إثر تصدره نتائج انتخابات ذلك العام والتي تلتها في 2016، قبل أن يتراجع إلى المرتبة الثامنة في انتخابات 8 سبتمبر/ أيلول الماضي.

وفي نتيجة غير متوقعة حصل الحزب (ذو توجه إسلامي) على 13 مقعدا فقط (مقابل 125 في 2016) من أصل 395 بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، بينما تصدر “التجمع الوطني للأحرار” (وسط) النتائج بـ102 مقعدا، يليه “الأصالة والمعاصرة” (وسط – 86) و”الاستقلال” (محافظ – 81).

وحل رابعا، “الاتحاد الاشتراكي” (يسار- 35)، ثم “الحركة الشعبية” (وسط- 29)، و”التقدم والاشتراكية” (يسار- 21)، و”الاتحاد الدستوري” (وسط – 18)، ثم “العدالة والتنمية” (13)، بينما توزعت المقاعد العشر المتبقية على أحزاب أخرى.

وفي 10 سبتمبر الماضي، عين جلالة الملك المفدى محمد السادس، رئيس “التجمع الوطني للأحرار” عزيز أخنوش، رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة إثر تصدر حزبه لنتائج الانتخابات.

وفي 22 من الشهر ذاته، أعلن أخنوش، تشكيل حكومة من ثلاثة أحزاب هي “التجمع الوطني للأحرار” و”الأصالة والمعاصرة” و”الاستقلال”.

وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عين العاهل المغربي أعضاء حكومة أخنوش، التي ضمت 24 وزيرا، ضمنهم 7 نساء، بالإضافة إلى رئيس الحكومة. 

وفي حديث للأناضول، اعتبر الأكاديمي المغربي عبد الحفيظ اليونسي، أن “سقوط الإسلاميين هو أبرز حدث سياسي في 2021”.

وأضاف: “بل إنه زلزال سياسي بامتياز لاعتبار أساسي هو حجم الخسارة التي مني بها العدالة والتنمية بعد أن كان يقود الحكومة ويُسير أغلب المدن الكبرى والمتوسطة ويشكل القوة الأولى في البرلمان”.

وأردف: “انتخابات 8 سبتمبر 2021، أعادت العدالة والتنمية إلى نقطة البداية من جديد على مستويين اثنين، أولهما مستوى حضوره في المؤسسات التمثيلية والمنتخبة”.

وأردف: “وثانيهما تزعزع الكثير من تصوراته بعد عشر سنوات في السلطة، من بينها شكل علاقته المستقبلية مع الدولة والسلطة والمجتمع”.

وأوضح أن “زلزال سقوط العدالة والتنمية سيجعله يدخل في مسار من المراجعات لتبني أفكار جديدة لتدبير المرحلة المقبلة”.

ولفت أن “هناك مستوى آخر يجب الانتباه إليه في السقوط المدوي للإسلاميين وهو أن ذلك مرتبط أيضا بقواعد اللعبة السياسية في بلادنا”.

وتابع: “صحيح أصبحنا أمام مؤسسات منتخبة جديدة لكن المؤشرات الأولية لتدبيرها للشأن العام يظهر أننا أمام حكومة تواجه مجموعة من الإشكالات، وحتى النخبة البرلمانية لن تستطيع تأدية وظيفتها الرقابية والتشريعية والدبلوماسية على أكمل وجه”. ​​​​​​​