الحزب الإشتراكي يهاجم حكومة رجل الأعمال أخنوش : إعلانٌ "الدولة الاجتماعية"وهمي وضربةٌ في الريح للتغاضي عن ضريبة شركات المحروقات

0
126

هاجم حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” العنوان العريض لمشروع قانون المالية 2023 معتبرة إياها استفزازاً للشعب ومحاولةً فاشلة من قبل حكومة رجل الأعمال الملياردير”عزيز أخنوش”، لإنقاذ نفسه، في مباشرة الإصلاحات الجوهرية التي تتطلبها الدولة الاجتماعية، ليس كشعار للاستهلاك السياسي، وإنما كقناعة فكرية وإيديولوجية.

وفي هذا الإطار، أكد فريق الحزب الاشتراكي خلال المناقشة العامة لمشروع قانون مالية 2023 ، اليوم الخميس، بجلسة عمومية بمجلس النواب، أن المشروع لا يتضمن أي تدابير حقيقية تخص الإصلاحات الضرورية من قبيل الإصلاح الجبائي، وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية.

ورأى حزب لشكر أن المجال الضريبي في المغرب لم يعرف منذ سنة 1987 أي إصلاح هيكلي شامل، على الرغم من أن الاقتصاد الوطني خضع لتغييرات جذرية أدت إلى بروز قطاعات صناعات جديدة، استفاد البعض منها من الظرفية الحالية، وعلى رأسه سوق المحروقات وصناعة الأدوية.

وأضاف أنه مع ذلك لم تتم مباشرة الإصلاحات الأكثر إلحاحا من أجل توسيع الوعاء الضريبي، مما أدى إلى استمرار الضغط الضريبي على الموظفين والأجراء، وارتفاع الضريبية على القيمة المضافة.

وشدد الحزب على أن الحكومة لم تتحلى بالشجاعة لمباشرة إصلاح روزنامة النظام الجبائي، ودعم الطبقة المتوسطة باعتبارها صمام أمان للتوازن الاجتماعي، وآلية لتحريك الدورة الاقتصادية.

وسجل أن الطبقة المتوسطة تخضع للاقتطاع الضريبي من المنبع دون أدنى تحفيزات مقابل خدمات عمومية جد متدنية، ترغمها على اللجوء إلى المدارس والمصحات الخاصة.

وأبرز أن الحكومة لم تجرأ على معالجة الاستثناءات الضريبية أو إجراء أي تقييم للأثر الاقتصادي والاجتماعي للإعفاءات المعمول بها لسنوات طويلة، والتي تحرم خزينة الدولة سنويا من موارد تقدر ب 2.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.

وشدد على أن الحكومة تغاضت عن رفع الضرائب على شركات المحروقات، رغم التنصيص الواضح عليها في توصيات مجلس المنافسة، بل الأكثر من ذلك فقد تغاضت عن الأخذ بتوصيات العديد من تقارير المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها مجلس الحسابات، وتقارير بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط.

وأكد أن الحكومة تواصل نهج سياسية التغول العددي ولم يتسع صدرها لآراء الكثير من الفرقاء السياسيين، والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية، وهو ما ينذر بإمكانية خلق حالة احتقان بإقرار تدابير جبائية من جانب واحد.

وقال الحزب إنه سيصوت ضد مشروع قانون المالية، لأنه مشروع تفقيري وارتكز على ضرب جيوب المواطنين والمواطنات علما أنهم يعانون من ظرفية صعبة. 

يعمل في المغرب حوالي 29 شركة في سوق توزيع الديزل والبنزين (متوسط السعر حالياً 15 درهماً أي 1.37 دولار للتر) وتبلع محطات الخدمة التابعة لها حوالي 2399، ويستورد المغرب كامل احتياجاته من المنتجات البترولية من الخارج.

يبلغ متوسط حجم الكميات المبيعة في السوق الوطنية من البنزين حوالي 6.6 مليون طن سنوياً، ما يماثل حوالي 8.3 مليار لتر، أي بمعدل استهلاك حوالي 228 لتراً للفرد في العام.

مجلس المنافسة كناية عن هيئة رقابية تُعنى بمحاربة الاحتكار والممارسات المنافية لقواعد اقتصاد السوق، وقد تطرّق في تقريره، الصادر مؤخراً، لمبيعات وأرباح 7 شركات، هي: “أفريقيا” و”غرين أويل” و”المغربية للنفط” و”ونسكو” وكلها مغربية، بالإضافة إلى “فيفو إنرجي” و”توتال إنرجي” و”أولا إنرجي” وهي فروع لشركات أجنبية.

يثير ملف المحروقات، منذ سنوات، جدلاً سياسياً نظراً لكون إحدى الشركات المعنية، وهي “أفريقيا”، تابعة لمجموعة “أكوا” (AKWA) التي يمتلك رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش حصة الأسد فيها، وهو يُعتبر بحسب “فوربس” أكبر أغنياء المملكة بثروة تناهز 1.8 مليار دولار.

وفقاً لتقرير مجلس المنافسة؛ بلغ الربح الصافي الإجمالي للشركات السبع من مختلف أنشطتها، التي تشمل توزيع الديزل والبنزين والغاز والفيول والكيروسين، 10.7 مليار درهم مغربي (حوالي مليار دولار) ما بين عامي 2018 و2021.

تُمثّل الأرباح المتأتية من نشاط بيع الديزل والبنزين تحديداً أكثر من النصف، بحوالي 6.7 مليار درهم (606 مليون دولار) خلال الفترة نفسها، أي بمتوسط سنوي يناهز 1.68 مليار درهم.

بلغت أرباح شركة “أفريقيا” العام الماضي 497 مليون درهم (45 مليون دولار)، في حين حققت “فيفو إنرجي” 555 مليون درهم (50 مليون دولار)، و883 مليون درهم (80 مليون دولار) لـ”توتال إنرجي”.

خلاصات التقرير أشارت إلى أنَّ انخفاض أسعار المحروقات على المستوى العالمي لم ينعكس على الأسعار المطبّقة من قِبل الشركات محلياً، نظراً لوجود تفاهمات بينهما، وهو ما يُجرّمه القانون. 

موقع “الشرق” السعودي تواصل مع مجلس المنافسة وعدد من شركات توزيع المحروقات في المغرب لنيل تعليقات حول هذا الموضوع، لكن جميعها رفضت التصريح علانيةً، بحجة أنَّهم ممنوعون من ذلك كون التحقيق مازال سارياً حول هذا الملف من قِبل مجلس المنافسة.

وافق ممثل لإحدى شركات المحروقات على التعليق شريطة عدم ذكره اسمه، قائلاً إنَّ “هناك أخطاء في طرق احتساب مجلس المنافسة للأرباح بالاعتماد فقط على خصم المبيعات من المشتريات، دون الأخذ بعين الاعتبار المخزون والاستثمارات المنجزة”، وأضاف: “الأسعار المرتفعة المطبّقة من قِبل الشركات تخضع للأسعار الدولية والضرائب المحلية المرتفعة”.

في المقابل، قال الحسين اليماني، الخبير في المجال الطاقي ورئيس النقابة الوطنية للبترول والغاز في المغرب، في تصريح صحفي أنَّ “هامش الربح المحقق من قِبل الشركات ارتفع لأكثر من درهم في اللتر خلال الفترة التي تهاوت فيها أسعار النفط الخام إبان جائحة كورونا”.

اليماني أشار إلى أنَّ “قطاع بيع الديزل والبنزين يُعتبر من القطاعات ذات المردود المالي المرتفع، ويُعزى سبب هذا إلى إبطال الشركات الكبرى للمنافسة والتحكم في السوق بعد تحرير الأسعار وعجز مجلس المنافسة عن القيام بواجبه في الضبط والمراقبة والمعاقبة”.

بعد مرور سنة على تحرير أسعار المحروقات؛ وجّهت النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، شكوى إلى مجلس المنافسة للتحقيق في شبهة وُجود توافق حول أسعار المحروقات بالمغرب بشكل ينافي قانون حرية الأسعار.

بدأ مجلس المنافسة، الذي يُعتبر بمثابة مؤسسة شبه قضائية، التحقيق في هذه الشبهة وأصدر قراراً غير مسبوق في يوليو 2020، يقضي بفرض غرامة مالية تبلغ 9% من حجم المعاملات السنوية على كل من شركة “أفريقيا” التي ناهزت أعمالها 27 مليار درهم (2.4 مليار دولار) عام 2019، وشركتي “توتال” (14.7 مليار درهم) و”فيفو إنرجي” (14.1 مليار درهم).

لكنَّ القرار لم يُطبّق على أرض الواقع، إذ أصدر الديوان الملكي بلاغاً يكشف تزويده بمذكرة من أعضاء مجلس المنافسة تفيد أنَّ “التحقيق في تجاوزات الشركات اتسم بتجاوزات إجرائية وممارسات من طرف رئيس المجلس مَسَّت جودة ونزاهة القرار”. في إثر ذلك؛ تم إعفاء الرئيس السابق وعُيّن الرئيس الحالي أحمد رحو في مارس من العام الماضي.

بعد هذا التدخل من الديوان الملكي، لم يستكمل المجلس عمله فيما يخص ملف المحروقات في انتظار انتهاء البرلمان من اعتماد قانون جديد ينظم المؤسسة، حيث يكتفي حالياً بالنظر في تراخيص التركيزات الاقتصادية، وإصدار تقارير وآراء استشارية لفائدة الحكومة والبرلمان. 

لدى المغرب مصفاة وحيدة لتكرير البترول توجد بمدينة المحمدية، لكنَّها توقفت عن العمل عام 2015 بسبب تراكم ديونها إلى أكثر من 43 مليار درهم (4 مليارات دولار)، ودخلت مرحلة التصفية عام 2016 بحكم قضائي يتم بموجبه بيع أصول الشركة، لكن لم يتم ذلك لحد الساعة بدعوى عدم تلقي عروض مجدية للشراء.

يَعتبر رئيس النقابة الوطنية للبترول والغاز في المغرب أنَّ “العمل على استئناف تكرير البترول في المملكة، والتشجيع على تعزيز نشاط التخزين، وحمل مجلس المنافسة على القيام بدوره الدستوري في منع كل الممارسات المنافية لقواعد حرية الأسعار والمنافسة؛ كلها إجراءات مطلوبة لضبط سوق المحروقات، وبالتالي؛ توفير منافسة عادلة وتخفيض الأسعار إلى مستوى معقول وهامش ربح مقبول”.