المملكة تدعم الانتقال السياسي في بوركينا فاسو وتشاد وغينيا ومالي

0
108

جددّت المملكة المغربية الشريفة، باجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي ، بأديس أبابا، دعمها الثابت والمتواصل لمسلسل الانتقال السياسي بكل من بوركينافاسو وتشاد وغينيا ومالي، وكان المجلس قد خصص اجتماعه لتطورات مسلسل الانتقال السياسي بكل من بوركينا فاسو وتشاد وغينيا ومالي، والدور المحوري لمجلس السلم والأمن في تحديد السبل والوسائل الأكثر فعالية لمواكبة ودعم هذه البلدان الصديقة والشقيقة في مسلسل الانتقال السياسي، من أجل استعادة الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي

ودعا السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية الشريفة لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، محمد عروشي، في كلمة خلال  الاجتماع ،المجتمع الدولي لإيلاء اهتمام خاص للتحديات الأمنية والإنسانية التي تواجهها كافة بلدان منطقة الساحل وضرورة تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة هذه التحديات، مشددا على ضرورة نهج مقاربة شمولية وجماعية ومتعددة الأبعاد في معالجة قضايا الأمن والاستقرار والتنمية، مع إشراك كافة البلدان المتضررة بشكل مباشر أو غير مباشر من تبعات عدم الاستقرار والتغيير غير الدستوري للحكومات.

وأشار سفير المملكة إلى التزام المغرب، بالمساهمة مع المجتمع الدولي في تعزيز الحكامة الشاملة وترسيخ والتنمية المندمجة والمستدامة لصالح ساكنة دول المنطقة من خلال تنفيذ الآليات والاستراتيجيات والتي ينبغي أن تشمل كافة البلدان الإفريقية، مؤكدا على أهمية المنظمات الإقليمية المعنية، ويتعلق الأمر بكل من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “سيدياو”، وتجمع دول الساحل والصحراء “سين-صاد”، ومجموعة دول الساحل الخمس، في تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى إرساء استقرار مستدام في منطقة الساحل. 

وتعيش منطقة الساحل والغرب الأفريقي دورة جديدة من أزمة الحكم والتعايش الهش بين القصور والثكنات، زيادة على تصاعد أزمة التنافس على المنطقة بين قوى دولية متعددة.

بعض هذه القوى يعتبر المنطقة إرثا خالصا له منذ أكثر من قرن، ومنها الساعي إلى ترسيخ أقدامه بقوة في منطقة تعيش شعوبها تحت وطأة الفقر والعنف المسلح، وفوق أديم أرض ثرية بمختلف الخيرات والثروات المطمورة أو المنهوبة. 

وفي السنوات الأخيرة تفاقمت أزمات الساحل الأمنية والسياسية والاقتصادية، وترافق ذلك مع انتقال شامل للسلطة في دوله الخمس إلى أجيال حكم جديدة، ولم يكن الانتقال سلسلا في الغالب، فباستثناء النيجر وموريتانيا فإن العسكر الساحليين استعادوا تشغيل ذاكرة الانقلابات والإطاحة بالأنظمة الهشة، التي نخرتها أزمات الأمن والتنمية المنهارة.

وزير العدل يتباحث في جدة مع وزير العدل السعودي “تعزيز التعاون الثنائي في المجال الجنائي والمدني والتجاري والأحوال الشخصية”

وقد شهدت مجموعة دول الساحل الخمس المعروفة بـ”جي 5″، والتي تضم كلا من موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر، انتقالا متفاوتا في طبيعته وشكله على مستوى هرم السلطة.

وبينما استطاعت موريتانيا والنيجر الخروج من أزمة التداول السلمي إلى انتقال ديمقراطي يحترم على الأقل في شكله المدخل الانتخابي للوصول إلى السلطة، ترنحت الدول الساحلية الثلاث الأخرى بين انتقالات قسرية، أنتجتها أزمات عميقة، وأعقبتها أخرى.

ويبدو الانقلابان المالي والبوركينابي أبرز المتغيرات العنيفة في المنطقة، بعد اغتيال الرئيس التشادي إدريس ديبي إبنو، حيث دخل معهما البلدان منعطفا من شأنه أن يضاعف أزماتهما السياسية والأمنية. 

وبسبب تأثيراته الداخلية الكبيرة، فإن الانقلاب في مالي لم يضف تعقيدا جديدا إلى الأزمة السياسية المحلية فحسب؛ بل تحول إلى أزمة إقليمية ودولية، بفعل الرهانات الجديدة للنظام المالي، وتأثير الدخول الروسي على المنطقة.

أما في بوركينافاسو فإن ما حدث أشبه بثورة عسكرية، داخل الدولة التي كادت تنهار بسبب تصاعد الصراع بين السلطة والجماعات الإسلامية المسلحة الناشطة بقوة في المثلث الحدودي الملتهب بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

لقد انضاف هذان الانقلابان إلى انقلاب غينيا كوناكري، وكادت غينيا بيساو تلتحق بالركب الانقلابي، قبل أن يتمكن أنصار الرئيس عمر سيسوكو إمبالو، من استعادة السيطرة. 

تتسم الانقلابات التي شهدتها غرب أفريقيا، لاسيما في بلدان الساحل، بوجود قاسم مشترك، وهو غياب الأمن وتصاعد مد الجماعات الإرهابية العنيفة. في شمال مالي، وسعت الجماعات الجهادية وجودها باتجاه المركز في السنوات الأخيرة، فيما يُسمى بمنطقة “المثلث الحدودي” الذي يضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر. وقد تركزت الهجمات على المؤسسات الأمنية والعسكرية، ولكنها شملت أيضاً أهدافاً وأعياناً مدنية. 

منذ عام 2015 واجهت بوركينا فاسو هجمات إرهابية من قبل جماعات متطرفة مثل “داعش” و”القاعدة”، أودت بحياة العديد من الضحايا وشردت أكثر من 1.5 مليون شخصا. منذ ذلك الحين، تدهور الوضع الأمني بشكل حاد، ولعل ذلك يمثل مبرراً قوياً لتدخل العسكريين من أجل الإطاحة بنظام مدني عاجز.

في النسخة السابعة من منتدى داكار الدولي حول السلام والأمن في أفريقيا، الذي عقد في ديسمبر 2021، أرجع رئيس النيجر، محمد بازوم، الوضع الفوضوي في منطقة الساحل إلى صعود الجماعات الإرهابية على خلفية الأزمة في ليبيا. ومن المرجح أن عدم قدرة الدولة على التعامل مع الجماعات الإرهابية، وسوء الحكم من أبرز الأسباب التي تفسر عودة النمط الانقلابي في أفريقيا.

فشل النموذج الغربي: من الواضح أن المشروطية الغربية قد أفرغت الديمقراطية الأفريقية من جوهرها، فعلى سبيل المثال، ربطت فرنسا مساعدتها والضمانات التي تقدمها الدول المانحة لصالح الدول الفرنكفونية بعملية الانتقال الديمقراطي. ويبدو أن عودة الانقلابات في أفريقيا تكشف فشل سياسة المشروطية تلك، فالديمقراطية ليست “وصفة” جاهزة تُطبق على الجميع، ثمة سياق ثقافي واجتماعي مختلف في البلدان الأفريقية. 

وفي المقابل، يبدو الجيش هو القوة الوحيدة المتاحة لتلبية المطالب الأفريقية من أجل التغيير والدفاع عن سيادة الدولة واستقلالها. غير أن هذه المؤسسة العسكرية تجد نفسها مُستنزفة في وظائف سياسية قد لا تكون مؤهلة لأدائها. وفي الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون على توجيه مواردهم لتحقيق الهيمنة الدولية في ظل أجواء تُنذر بحقبة جديدة من سياسات الحرب الباردة، نجد أن الأفارقة يتجهون شرقاً صوب الصين أو حتى روسيا. ولعل التلاحم الشعبي مع القادة العسكريين في مالي ضد رفض الهيمة الفرنسية مثال واضح في هذا الصدد، ففي أعقاب القرارات الثورية للمجلس العسكري الانتقالي في باماكو بطرد السفير الفرنسي ومطالبة الدنمارك سحب قواتها المنتمية إلى فرقة العمل الأوروبية في مالي، خرج آلاف الشباب إلى شوارع باماكو وهم يلوحون بالأعلام الروسية ومنددين في الوقت نفسه بما اعتبروه سياسات استعمارية فرنسية.