المهاجري: يجب إصدار قانون يحدد اختصاصات وصلاحيات مؤسسة «الوالي والعامل» بالمغرب

0
212

في عام 2011 ، أدخل المغرب تغييرات قانونية ودستورية لتشجيع الديمقراطية المحلية وضمان مزيد من الحكم الذاتي للسلطات المحلية كجزء من عملية إرساء اللامركزية في البلاد. ومع ذلك، يخيّم الشك حول مدى فعالية تنفيذ هاته التعديلات على أرض الممارسة. ولمسايرة هذا التحول الديمقراطي الاشتراطي التمثيلي كان لابد من إصلاح النظام المركزي لدعم إنجاح هذا التحول و هذا ما جاء عليه الميثاق الوطني للاتمركز  الإداري الذي حمل في طياته المكانة المتميزة للولاة و العمال في النسق الإداري المغربي.

وفي هذا الصدد، كشف هشام المهاجري، البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب، أن مؤسسة العامل منذ حصل المغرب على الاستقلال، لا تتوفر على قانون ينظم عملها، رغم التنصيص على دورها في عدة قطاعات، ومجالات، مبرزا أن الاختصاصات، التي جاءت في الظهير بمثابة القانون الصادر سنة 1977، هي قليلة، ومتجازوة، بالنظر إلى عدد القوانين، والاختصاصات، التي صدرت في الآونة الأخيرة.

والأمر نفسه بالنسبة إلى مؤسسة الوالي، التي شدد المهاجري في مداخلة له بمناسبة مناقشة مشروع قانون المالية 2022 على توضيح اختصاصاتها، وقال: “إذا أردنا تطبيق تمركز حقيقي لابد أن نبين أدوارها، وماهي اختصاصاتها، لأنه يكون في بعض الحالات خصما، وحكما”.

مبرزا أن زمن الحكومة الحالية هو أحسن فترة لإصدار قوانين توضح اختصاصات هاتين المؤسستين ، لوجود انسجام فيما بينها، وأحزاب، الآن، تؤمن بالجهوية المتقدمة، والدولة المركزية القوية وبجهات قوية، مؤكدا ضرورة الاشتغال إلى جانب العامل، والوالي، بقانون ودستور، بناء على منطق “آش عندك واش عندي” يقول المهاجري، نافيا استمرار وجود ما وصفه بـ”أحزاب تمارس السياسة بالسلطة”، وقال: “احنا تنديرو السياسة مع السلطة من أجل خدمة المواطن”.

يجمع علماء الإدارة على أن نجاعة التنظيم الإداري يبقى رهين بمستوى التنسيق الكامن بين وحداته و مكوناته  في غيابه تضيع العملية الإدارية برمتها. 

لذلك تضمن النص الدستوري( الفصل 145) بوضوح على دور اختصاص الولاة و العمال على القيام بوظيفة التنسيق و ربط بيت المصالح اللاممركزة للإدارة المركز (المصالح المركزية).

و مما سبق نجد المشرع الدستوري أعطى لمؤسسة الوالي والعامل دور كبير المثمتل في تنسيق بين المصالح الممركزة و اللامركزية.

وبشكل أوضح نجد مؤسسة الوالي تسهر من خلال هذه الوظيفة(التنسيق) بنقل السياسة المركزية للفروع اللاممركزة.

لذا نجد «مؤسسة الوالي» كمفهوم مغربي موغل في التاريخ و يمارس سطوته على المجال الإقليمي و الجهوي و يشتغل على أجندة مضبوطة للنظام السياسي المغربي تستهدف في العمق، ضبط و بلورة استراتيجية محلية يتقاطع فيها الأمني و السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي .

و من هنا.. يستعيد الملاحظ ملحاحية الأسئلة المطروحة على أدوار و وظائف الوالي في المغرب، موقعه الدستوري ..؟ علاقته بالسلطة التنفيذية .. ؟ بالظهير و التعيين الملكي .. مكانته في «معمار» السلطة التنظيمية ..؟
ازدواجية في المفهوم و التباس في الوظائف..

بداية لابد أن يعترف المرء بصعوبة العثور على قراءات عميقة لمؤسسة «الوالي» في المغرب، إذ أن أغلب ما كتب و أنجز من أبحاث أو مقالات علمية ظل «شحيحا» في تفصيل الأدوار المنوطة للوالي، رغم موقعه الإداري في أعلى هرم السلطة المحلية .

إذ يمكن أن نجد دراسات عن مؤسسة العامل و علاقته بالحكامة و التنمية المحلية و لا يمكن أن نجد مصطلح الوالي إلا مربوطا بمصطلح العامل .

الوالي أو العامل له صلاحيات واسعة تمنحه سلطات أكبر في الضبط و المراقبة و التتبع، خصوصا و انه يتمتع بالقوة القانونية في رفض أو قبول أي مشروع باعتباره..

– منفذا لمشاريع الحكومة داخل الوحدات الترابية .

– ممثلا للملك الذي يحتكر سلطة القرار السياسي .

هذه الازدواجية تخلق التباسات في المفهوم، خصوصا إذا انتبهنا إلى أن الوالي كمؤسسة دولتية بامتياز غير مدسترة في المتن الدستوري .

الفصل 102 من الدستور المغربي يتحدث فقط على أن الدولة يمثلها العمال في العمالات و الأقاليم و الجهات و يسهرون على تنفيذ القوانين و هم مسؤولون عن تطبيق قرارات الحكومة ، كما أنهم مسؤولون لهذه الغاية ، عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية .

لذا فإن ما يشر إليه النص الدستوري بعد أن كان العامل في دستور 92 منسقا لنشاطات مصالح الوزارات .. أين يمكن أن نعثر على الوالي وسط كل هذا .. ؟ الضبط الأمني محدد أساسي   لـ «صناعة الولاة»

السلطة السياسية بالمغرب لم تكن تحدث الأقاليم و العمالات بهاجس تنموي و اقتصادي، و إنما وازعها الأصيل ظل محكوما بخلفية أمنية تسعى لضبط مركزي و مباشر للمجال السياسي ، عبر احتواء المناطق الحساسة و تكثيف تواجد السلطة.

– مثلا في 1973 أنشئت أقاليم الخميسات ، خنيفرة ، السراغنة تحت ضغط أحداث مارس 73 .

– إقليم فكيك أنشئ مع بروز قضية الصحراء و التداعيات الجيوستراتيجية في المنطقة .

– إحداث ولاية الدار البيضاء الكبرى بعمالاتها الست جاء كرد مباشر على أحداث 20 يونيو 1981 . و كذلك تم إحداث ولاية الرباط و ولاية مراكش و ولاية مكناس و ولاية فاس (أحداث دجنبر 90 ) .

بناء على ما تقدم  المنطلق بدأ ظهور مؤسسة الوالي كجواب سياسي على وضع أمني و ليس كما سبق الذكر، استجابة لحاجة اقتصادية أو تنموية أو تنزيل استراتيجي لحكامة محلية معقلنة .

اليوم و في خضم الأسئلة العميقة المرتبطة بقضايا الدمقرطة و التحديث و تدعيم المفهوم الجديد للسلطة ، و القضية الوطنية ، لابد من التساؤل عن الموقعة الدستورية و السياسية لوظيفة الوالي / العامل ..؟

إذا عدنا إلى المهام الموكولة للسلطة المحلية قانونيا و دستوريا .. نجد أنها تتحكم في موضوعين أساسيين هما :

أولا-  ممارسة السلطة الاحترازية ضمانا للنظام العام و الحفاظ عليه و ذلك بإصدار لوائح تنظيمية تفعل من خلالها الحقوق و الحريات.

ثانيا –  السلطة المحلية موكول لها صلاحيات إشباع حاجات المواطنين من صحة و تعليم و سكن و تشغيل عبر تدبيرها للمرافق العامة محليا . و هذا ما يعطي لموقع الوالي/ العامل حسب التراتبية الإدارية موقعا استراتيجيا حساسا في تفعيل التعاقد بين السلطة و المجتمع من خلال هذين المرتكزين. و هو ما يعطي بالتبعية و يفسر أن الصلاحيات الممنوحة يجب أن يكون منبعها دستوريا تفاديا للارتباك الذي قد يقع على المستوى الحقوقي أو التمثيلي أو المستوى التنظيمي.. كيف ذلك ؟

* على مستوى التمثيلية لا نعرف ماذا يمثل الوالي .. هل الملك الدستوري أم أمير المؤمنين أم الوزير الأول ..! . دون نسيان الوصاية التي يقوم بها الوالي / العامل على المجلس الجهوي و باقي المجالس المنتخبة سواء كانت إقليمية أو مرفقية .

* على المستوى التنظيمي .. الوالي يشتغل على صناعة القرار الجهوي دون فصل واضح بينه و بين مؤسسة العامل . السؤال.. هل يمكن المراهنة في ظل هذا التداخل على إنجاح أي نظام جهوي دون ترتيب علاقة تعاقدية واضحة كمدخل للانسجام بين السياسات العامة للدولة و السياسات الجهوية ؟

* على المستوى السياسي / الحقوقي .. الوالي بحسب أدواره مطالب بتنشيط و ضبط المجال السياسي المحلي من خلال تفعيل دور الأحزاب و إقحامها في مسؤولية النهوض بالمشهد السياسي على مستوى المشاركة و التنشئة السياسية و التمرس على تدبير الشأن العام .. هل الولاة اليوم في المغرب يفعلون أدوارهم، أم أنهم مقيدون بسلطة القرار المركزي ؟

خلاصات ..

من خلال هذه القراءة السريعة و المبتسرة .. نخلص إلى أن الوالي يمثل حمولة تاريخية مرتبطة بالسلطان و النظام المخزني في أبعاده التقليدية و الرمزية التي تم إحياؤها و إقحامها لضبط المشهد الأمني ، و هو كذلك يقوم بدور الموظف العمومي لدى الحكومة . و يمثل الملك في المناسبات الدينية و استقبال الشخصيات الرسمية الوافدة على جهته و مكلف أيضا بتقديم التعازي!.

 

 

 

 

 

 

 

المصدر المغرب الآن + جريدة مقال نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 10 – 03 – 2010