انتحار أم لأربعة أطفال وثلاثة رجال بسطات وبرشيد..7.2 حالة انتحار من بين كل 100 ألف نسمة في المغرب؟!

0
102

لا تكاد منصات التواصل الاجتماعية والمواقع الالكترونية والصحف الورقية في المغرب تخلو من حوادث انتحار تندَس بين أعمدتها، وقصاصات تروي أحداثا حزينة لأشخاص تقطعت بهم السبل وقرروا وضع حد لحياتهم. 

بلغ عدد الأشخاص المقدمين على الانتحار خلال 24 ساعة بكل من سطات وبرشيد، أربعة، من بينهم أم لأربعة أطفال وثلاثة رجال، اثنان منهم قضيا نحبهما في حين لا يزال الشخص الثالث يرقد في قسم العناية المركزة بين الحياة والموت بالمركز الاستشفائي الحسن الثاني بسطات.

وحسب مصادر متطابقة، فإن الضحية الأولى “ر. ب”، مزدادة سنة 1988 بدار الشافعي، متزوجة وأم لأربعة أبناء، عثر عليها أمس الأربعاء معلقة بحبل بلاستيكي مربوط إلى سقف غرفة لتخزين المواد المختلفة بمنزلها بدار الشافعي من قبل أحد أبنائها البالغ من العمر 11 سنة، حيث قام الطفل بتقطيع الحبل ظنا منه أن والدته لا تزال على قيد الحياة، قبل أن يتصل بوالده الذي كان خارج البيت ليخبره بالفاجعة.

أحدث تقرير للبنك الدولي رصد 7.2 حالة انتحار من بين كل 100 ألف نسمة في المغرب، وهو رقم كبير بالمقارنة مع باقي الدول العربية. 

ويتصدر إقليم شفشاون شمالي المغرب، المدن التي تعرف أكبر عدد من حالات الانتحار، حيث كشفت أرقام حديثة نشرتها جمعية السيدة الحرة، أن الإقليم سجل في السنوات السبع الأخيرة 240 حالة، بمعدل حالة انتحار في الأسبوع.

وبحسب التقرير الذي أعدته الجمعية فإن السبب وراء هذا المعدل المهول في عدد حالات الانتحار بالإقليم، يعود بالأساس إلى “التهميش والبطالة، كما تعود بعض حالات انتحار الفتيات للعلاقات العاطفية وزنا المحارم والحمل خارج مؤسسة الزواج، والعنف النفسي.”

في غياب معطيات وأرقام رسمية دقيقة حول ظاهرة الانتحار في المنطقة، حذّرت جمعية “نعم للحياة.. شباب ضد الانتحار”، من تواتر حالات الانتحار بإقليم شفشاون، مشدّدة على أن الأمر تحول إلى “ظاهرة مقلقة جداً”، في ظل اتساع رقعة وأعداد المنتحرين بالمدينة الزرقاء.

وأكدت الجمعية التي رأت النور في يوليو 2021، في بيان لها اطلعت عليه “سكاي نيوز عربية”، أن “الجميع أصبح يتقبل الظاهرة بصمت ودون أن يتم اتخاذ أي مبادرة من طرف السلطات والمسؤولين.”

وطالبت الجمعية القائمين على القطاع الصحي بإقليم شفشاون، بـ”إعطاء الاهتمام للعلاج النفسي وتوفير الأدوية والقيام بحملات للعلاج تستهدف المرضى النفسيين والعصبيين، وذلك على غرار الحملات الطبية الأخرى.”

يفسر الخبير النفسي عثمان زيمو، لجوء بعض الأشخاص للانتحار بوقوع خلل في التوازن النفسي لهؤلاء، بحيث يصبحون يفضلون الموت على الحياة، ويفقدون أي تقدير لأنفسهم.

وقال الخبير في معرض حديثه، إن الفعل الانتحاري له علاقة مباشرة بالدوافع النفسية التي يتم استثمارها بشكل خاطئ، بحيث يحدث خلل في التوازن بين حب الحياة من جهة وحب التدمير والموت من جهة أخرى وهما صفتان تدخلان في التكوين السيكولوجي للبنية الإنسانية.

وأكد المتحدث في تصريح سابق ، أن “الأطفال يبدؤون حياتهم بالدموع أولا ثم يتحول البكاء إلى ابتسامة، لأنه حسب فرويد يزداد الإنسان بحب التدمير ويكتسب لاحقا حب الحياة.”

وتابع الخبير: وعند وجود خلل في البنية النفسية بسبب مجموعة من الأمراض التي تتجسد في الحزن الشديد أو عدم تمثل الواقع عن طريق الهذيان والهلاوس التي قد تكون نتاج تعاطي المخدرات بشكل مفرط، فإن البنية النفسية تنهار، وتختفي الصلة مع الذات تاركة المجال إلى دافع الموت، كنتيجة لغياب حب الذات اللاواعي الذي يندثر، وهو ما يسمى في علم النفس النرجسية البدائية.”

ويتجه الشخص في هذه الحالة إلى مجموعة من السلوكيات العدوانية تجاه نفسه من بينها إيذاء النفس أو في بعض الحالات تعاطي مخدرات قوية، وقد يبلغ به ذلك إلى الانتحار، وهنا يظهر جليا دور المتابعة النفسية في الحد من هذه الظاهرة.

أوردت البرلمانية فدوى محسن الحياني عضو فريق الحركة الشعبية، أن الصحة النفسية للمغاربة تستلزم إيلاء الكثير من الاهتمام في ظل ارتفاع عدد المصابين بالأمراض النفسية والعقلية.

وذكرت البرلمانية أن الدراسة تفيد بأن ما يقارب 42.1 في المائة من المغاربة يعيشون اضطرابات نفسية أو عقلية في فترة من الفترات و26 في المائة يعانون الاكتئاب، بينما يعاني الباقون أمراضا نفسية أخرى مثل القلق والاضطرابات الذهنية وانفصام الشخصية.

وأضافت “يعني هذا وجود حاجة ماسة إلى الأطباء النفسانيين وخاصة وأن عددهم لا يتعدى 430 طبيبا نفسيا.”

وطالبت البرلمانية، الحكومة، بضرورة التدخل لاتخاذ إجراءات لمعالجة هذا الخصاص، خاصة وأن الظاهرة في تزايد مستمر ما يتسبب في مشاكل عدة بالنسبة للأسر خاصة وللدولة عامة.