بسبب إشاعة .. تحول شمال المغرب مقصد لمئات من الشباب المغربي للهجرة إلى سبتة (المحتلة)

0
92

 تحولت مدينة الفنيدق شمالي المغرب، ليلة الثلاثاء الأربعاء، إلى مقصد لكثير من المهاجرين غير النظاميين، على أمل العبور إلى مدينة سبتة (تابعة للإدارة الاسبانية)، كخطوة ثانية نحو أوروبا.

تدفق مئات المغاربة ومحاولتهم عبور الحواجز الأمنية للدخول إلى إسبانيا، إثر نشر إشاعة تفيد بتخفيف إجراءات المراقبة الحدودية،بسبب إشاعة عن تخفيف المراقبة الحدودية.

وكشف بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني في المغرب، الأربعاء، أن “مصالح اليقظة المعلوماتية التابعة للأمن الوطني كانت قد رصدت منشورات تحريضية متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري على الهواتف المحمولة، تحرّض على الهجرة غير المشروعة، وهو ما استدعى تكثيف التغطية الأمنية على طول الشريط الساحلي نحو مدينة الفنيدق، والتنسيق مع باقي المصالح الأمنية المختصة”.

وأوضح البلاغ أن “بعض المرشحين للهجرة غير المشروعة عمدوا لرشق عناصر القوة العمومية بالحجارة، ورفضوا الامتثال، مما تسبب في إلحاق خسائر مادية بسيارتين خاصتين كانتا بالقرب من مكان التدخل، بينما تمكنت دوريات الشرطة من توقيف خمسة أشخاص ممن تورطوا في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية”. 

يمثل الجيبان الإسبانيان الصغيران سبتة ومليلية المحتلين الحدود البرية الوحيدة بين أوروبا وإفريقيا، ما يجعلهما نقطتي جذب للمهاجرين التائقين للذهاب إلى أوروبا.

وتشير مصادر متاطبقة أن عدد الأشخاص اللذين حاولوا العبور على أمل اللحاق بآخرين عبروا شهر يونيو الماضي، أمام  “باب سبتة” المحتلة، حوالي 500 إلى 800 قاصر تقريبا في مدة بين ساعتين إلى ثلاث ساعات”، مشيرة إلى أنه “مباشرة بعد ذلك نشر فاعلون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا تؤكد أن ما تم الترويج له هو أخبار زائفة وأن هناك مواجهات بين القوات العمومية والقاصرين”.

وانتشرت إشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي أن الأبواب الحدودية مع سبتة المحتلة قد تم فتحها في وجه الجميع، وهو ما أدى بمغاربة من أعمار مختلفة ومن بينهم قاصرون إلى التوافد على عجل على البوابات، قبل أن يكتشفوا ان الأمر لم يكن سوى كذبة.

وفوجئت إسبانيا الشهر الماضي بتدفق آلاف الأشخاص إلى سبتة دون أن يحرك حرس الحدود المغربي ساكنا.

جرى ذلك في خضمّ أزمة دبلوماسية بين المغرب وإسبانيا إثر استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو الصحراوية إبراهيم غالي للعلاج من مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، واُعتبر اختراق الحدود على نطاق واسع على أنه إجراء عقابي من الرباط.

ولا يزال التوتر يشوب العلاقات الثنائية رغم مغادرة غالي لإسبانيا منذ 2 يونيو/حزيران.

وكان وصول أكثر من عشرة آلاف مهاجر كثير منهم قصّر، إلى سبتة في منتصف مايو/أيار قد شكّل ذروة أزمة كبيرة بين الرباط ومدريد.

واندلعت الأزمة الحادة بين الجارين بعد إدخال زعيم جبهة بوليساريو إلى مستشفى في إسبانيا. وتؤكّد الرباط أنّه دخل الأراضي الاسبانية قادما من الجزائر “بشكل احتيالي وبوثائق مزورة وهوية منتحلة”، داعية إلى تحقيق “شفّاف” في ظروف استقباله، بينما تشدد مدريد على أنه تمت استضافته “لأسباب إنسانية”.

وكان المغرب أعلن مطلع يونيو/حزيران أنه مستعد للتعاون مع الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي “من أجل تسوية نهائية” لمشكلة المهاجرين القاصرين الذين لا يرافقهم بالغون في البلدان الأوروبية.

ومنذ قرار السلطات المغربية، في ديسمبر/ كانون الأول 2019، إغلاق معبر “باب سبتة” أمام تجار السلع المهربة، تضررت مدينة الفنيدق بشكل كبير، وطاولت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية معظم الفئات، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات في فبراير/ شباط الماضي، كما دفعت الأزمة شخصيات بارزة في المنطقة إلى توجيه نداء للحكومة المغربية من أجل إنقاذ المدينة من الأزمة التي خلفها إغلاق المعبر، والذي تزامن مع تداعيات جائحة كورونا.

يمتهن مئات المغاربة تهريب السلع من مدينتي سبتة ومليلية، الخاضعتين للإدارة الإسبانية، إلى داخل المغرب؛ وخلال الأسابيع الماضية، عملت السلطات على مضاعفة تحركاتها لاحتواء الأوضاع من خلال عقد لقاء مع مسؤولي منطقة الفنيدق لدراسة البدائل الممكنة، كما أعلنت عن إطلاق برنامج لـ”تفعيل آليات الدعم والمواكبة من أجل تحسين قابلية التشغيل، وتحفيز ريادة الأعمال للفئات الهشة، وخاصة النساء والشباب”. غير أنّ تلك الإجراءات لم تفلح، كما يبدو، في حلّ معضلة البطالة التي تفاقمت.

وبحسب دراسة أجراها مرصد الشمال لحقوق الإنسان (غير حكومي)، فإنّ “85 في المائة من شباب المغرب يرون أنّ وباء كورونا زاد من تكريس الفوارق الاجتماعية، و18 في المائة يعتبرون الهجرة هدفاً مستقبلياً، فيما أشار 38 في المائة إلى أنّ هدفهم هو إتمام الدراسة، وقال 17 في المائة إنّهم سيحاولون تأسيس مشروع مهني خاص إذا توفر الدعم، و13 في المائة سيبحثون عن وظيفة في القطاع العام”.

وتسبب تفشي فيروس كورونا في أزمات خطيرة أثرت على آلاف العمال، وخصوصاً في المصانع والمقاهي والمتاجر، بعدما توقفت تلك الأعمال، لكنّ الأثر الاقتصادي الأشدّ للجائحة، والذي تزامن مع إغلاق المعبر، لحق بالعاملين في القطاع غير المنظم، ممن يزاولون مهناً متواضعة الدخل في الأغلب، لا تتيح لهم القدرة على الادخار.

ويلفت محمد بنعيسى إلى أنّ موجة الهجرة غير المسبوقة نحو مدينة سبتة تفوق بمراحل كبيرة الانتعاش السنوي المعتاد لمحاولات الهجرة خلال الفترة بين مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول، والتي تعتمد على تحسن الأحوال الجوية التي تساعد في نجاح عمليات الهجرة عبر البحر، أو تخفض من مخاطرها.

ويرى رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، عادل تشكيطو، أنّ تفاقم ظاهرة الهجرة إلى سبتة “يؤكد الفشل الذريع للسلطات المغربية في التعاطي مع مطالب السكان، واكتفائها بتقديم حلول تسويفية لا يمكنها أن تملأ طنجرة البسطاء من أبناء المنطقة، أو تحفظ كرامتهم، أو تمكنهم من إعالة عائلاتهم”. ويقول لـ”العربي الجديد”، إنّ “تعامل السلطات مع الاحتجاجات بمقاربة أمنية، أو الحديث عن حوار على قاعدة الحلول التي يمكن تنفيذها على المدى المتوسط، سيزيد من تأزيم الوضع وتعميق هوة أزمة انعدام الثقة، كما هو الحال الآن”.

منظمة حقوقية : غياب الإرادة السياسية يعيق تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومات في المغرب..القوانين المعطلة..!