بوريطة: تعليمات جلالةالملك تقضي التعامل مع إسبانيا “كشريك وحليف موثوق وسنشتغل بروح إيجابية وطموح قائم على الاحترام المتبادل

0
90

أضحت قضية الصحراء بالنسبة للمغرب النظارة التي ينظر بها إلى العالم”، داعيا شركاء المملكة الى توضيح مواقفهم بشكل تام من مغربية الصحراء.

قال وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة،  في تصريح للصحافة عقب مباحثات أجراها مع نظيره الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، أن تعليمات صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله، تقضي بتعامل مع إسبانيا “كشريك وحليف موثوق وسنشتغل بروح إيجابية لتنفيذ كل الالتزامات وبالطموح الذي حدده جلالة الملك ورئيس الحكومة الاسبانية، حتى تكون هذه العلاقات مشهودا لها بالقوة “، مشيرا إلى أن البلدين “سيشتغلان بروح إيجابية وطموح قائم على الاحترام المتبادل والطموح القوي، فضلا عن تنفيذ الالتزامات المشتركة لخدمة مصالح البلدين ولخدمة الأمن والاستقرار الإقليمي”.

وأبرز ناصر بوريطة، أن المباحثات بينه ونظيره الإسباني على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت فرصة للاطلاع على ما تحقق بموجب البيان المشترك الذي تم اعتماده عقب المباحثات التي أجراها العاهل المغربي والملك محمد السادس مع رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، والاستقبال الذي خصه به جلالة الملك في أبريل الماضي.

وكشف بوريطة، أن فرق العمل اجتمعت أربع مرات ويرتقب أن تعقد اجتماعين آخرين الشهر المقبل وأن “العديد من الأمور المتضمنة في هذا البيان قد تحققت”، معتبرا أن دينامية تبادل الزيارات بين وزراء البلدين، تتمحور حول عدد من القطاعات الاستراتيجية.

فقد تجلى البعد السياسي في ما أحدثته الجوانب الأخرى التي عمل المغرب على الدفع بها ليكون لها أثر على المستوى السياسي، بحيث ينتج عنه موقف ينتصر لصالح قضية الصحراء، وكان انعكاس ذلك سياسيا في التعديل الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة اليساري بيدرو سانشيز في يوليو/تموز 2021، حيث غادرت وزيرة الخارجية غونزاليس لايا التي كانت وزيرة للخارجية الإسبانية حين دخل إبراهيم غالي إسبانيا بجوازات سفر مزورة، وكان ذلك بمثابة مبادرة من إسبانيا لنزع فتيل التوتر بتحميل وزيرة الخارجية مسؤولية الأزمة.

ونشير هنا إلى أن الضغط والانعكاس السياسي للأزمة لم يكونا على المستوى الرسمي وحسب، بل انعكس ذلك أيضا في المشهد السياسي الإسباني، لكن القرار الذي اتخذ بمراجعة إسبانيا موقفها من قضية الصحراء يشكل تحولا سياسيا إستراتيجيا لإسبانيا كدولة لا تتأثر بشكل كبير بالفاعلين السياسيين.

شكلت تلك العناصر في الواقع أوجها لطبيعة الضغط الذي نهجه المغرب حين تفجرت الأزمة مع إسبانيا، وكان استقبال غالي زعيم جبهة البوليساريو القشة التي قسمت ظهر البعير كما يقال، لكن السياق الذي كانت تمر به قضية الصحراء المغربية مع الاعتراف الأميركي، وقبل ذلك مع معبر الكركرات بخصوص منع الجبهة الانفصالية من التسلل للمحيط الأطلسي عبر المنطقة العازلة من خلال الحدود المغربية الموريتانية؛ جعل المغرب يعمل على مراجعة إستراتيجيته في إدارة النزاع، على الأرض بربط الحدود مباشرة بموريتانيا من خلال معبر الكركرات ومنع كامل التحرك في المنطقة العازلة، ثم من خلال مستوى آخر بالبحث عن دعم صريح يخرج الدول المؤثرة وذات اضطلاع على طبيعة الأزمة -وفي مقدمتها إسبانيا التي كانت قوة استعمارية في الجنوب المغربي- إلى الخروج من المنطقة الرمادية، وهو ما تم على التوالي، بحيث أدى الضغط المغربي الحاصل إلى مغادرة الوزيرة حينها ضمن تعديل حكومي، وهي التي طالتها انتقادات عدة حمّلتها مسؤولية الأزمة مع المغرب، الذي مهد بشكل متوال لتجسير الهوة، وانتهت إلى دعم إسبانيا مقترح الحكم الذاتي، واستئناف العلاقات عقب زيارة رئيس الحكومة الإسباني إلى الرباط، إذ برزت معها آفاق جديدة للتعاون.

فقد تجلى البعد السياسي في ما أحدثته الجوانب الأخرى التي عمل المغرب على الدفع بها ليكون لها أثر على المستوى السياسي، بحيث ينتج عنه موقف ينتصر لصالح قضية الصحراء، وكان انعكاس ذلك سياسيا في التعديل الوزاري الذي قام به رئيس الحكومة اليساري بيدرو سانشيز في يوليو/تموز 2021، حيث غادرت وزيرة الخارجية غونزاليس لايا التي كانت وزيرة للخارجية الإسبانية حين دخل إبراهيم غالي إسبانيا بجوازات سفر مزورة، وكان ذلك بمثابة مبادرة من إسبانيا لنزع فتيل التوتر بتحميل وزيرة الخارجية مسؤولية الأزمة.

ونشير هنا إلى أن الضغط والانعكاس السياسي للأزمة لم يكونا على المستوى الرسمي وحسب، بل انعكس ذلك أيضا في المشهد السياسي الإسباني، لكن القرار الذي اتخذ بمراجعة إسبانيا موقفها من قضية الصحراء يشكل تحولا سياسيا إستراتيجيا لإسبانيا كدولة لا تتأثر بشكل كبير بالفاعلين السياسيين.

شكلت تلك العناصر في الواقع أوجها لطبيعة الضغط الذي نهجه المغرب حين تفجرت الأزمة مع إسبانيا، وكان استقبال غالي زعيم جبهة البوليساريو القشة التي قسمت ظهر البعير كما يقال، لكن السياق الذي كانت تمر به قضية الصحراء المغربية مع الاعتراف الأميركي، وقبل ذلك مع معبر الكركرات بخصوص منع الجبهة الانفصالية من التسلل للمحيط الأطلسي عبر المنطقة العازلة من خلال الحدود المغربية الموريتانية؛ جعل المغرب يعمل على مراجعة إستراتيجيته في إدارة النزاع، على الأرض بربط الحدود مباشرة بموريتانيا من خلال معبر الكركرات ومنع كامل التحرك في المنطقة العازلة، ثم من خلال مستوى آخر بالبحث عن دعم صريح يخرج الدول المؤثرة وذات اضطلاع على طبيعة الأزمة -وفي مقدمتها إسبانيا التي كانت قوة استعمارية في الجنوب المغربي- إلى الخروج من المنطقة الرمادية، وهو ما تم على التوالي، بحيث أدى الضغط المغربي الحاصل إلى مغادرة الوزيرة حينها ضمن تعديل حكومي، وهي التي طالتها انتقادات عدة حمّلتها مسؤولية الأزمة مع المغرب، الذي مهد بشكل متوال لتجسير الهوة، وانتهت إلى دعم إسبانيا مقترح الحكم الذاتي، واستئناف العلاقات عقب زيارة رئيس الحكومة الإسباني إلى الرباط، إذ برزت معها آفاق جديدة للتعاون.

أما الجديد في الاتفاق المشترك، فيبرز في نقطتين اثنتين: أولاهما الموقف الإيجابي الداعم للمغرب، وهذا له تأثير إقليمي لصالح المغرب داخل أروقة المنتظم الدولي، وفي علاقة إسبانيا بجبهة البوليساريو، التي كانت تستفيد من موقف إسبانيا التقليدي، الذي كان في طبيعته يعمد من جهة إلى توفير الحماية والدعم لمجموعة من عناصر الجبهة الانفصالية، وفي علاقته بالمغرب ينزع إلى اللاموقف من قضية مغربية الصحراء أو مقترح الحكم الذاتي، وذلك بهدف تأييد النزاع الذي يجعل المغرب في موقف ضعف في قضية وحدته الترابية، مما يشغله عن قضايا أخرى تتنازع فيها مصالحه مع إسبانيا أو دول أخرى بالاتحاد الأوروبي.

يعد الموقف الإسباني بخصوص مغربية الصحراء تطورا نوعيا يفيد المغرب من جهة في كسب رهان قضيته الوطنية الأولى، ويضعف الجبهة الانفصالية والأطراف الداعمة لها، وهو ما يفسر لنا طبيعة ردود الفعل الانفعالية المعبر عنها داخل الجبهة، ثم لدى الجزائر التي توفر الدعم والرعاية للجبهة الانفصالية منذ سبعينيات القرن الماضي، مما يعني أن الأزمة الراهنة بين الجزائر وإسبانيا قائمة بسبب تغير الموقف الإسباني الذي كان يخدم الأطروحة الانفصالية، ومنه يشكل دعما للجزائر التي أضحت في واجهة الصراع وفي حالة اضطراب وتناقض في المواقف بفعل التغيرات التي طرأت بخصوص قضية الصحراء، ولم يستطع صانع القرار الجزائري استيعاب تلك التغيرات، بما ينتج مراجعات ضرورية تنتصر للوحدة على حساب التجزئة وللجوار ومصالح الإقليم في التعاون، بدل إذكاء النزاع وخصومات تضر كل الأطراف.

أما النقطة الثانية التي تحمل أهمية كبرى كذلك، وهي لا تقل أهمية عن الموقف من الصحراء، فتهم “تحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991″، على أساس المبادئ والمحددات والأولويات التي ستوجه العلاقات الثنائية في السنوات المقبلة” (البيان المشترك، موقع وزارة الشؤون الخارجية، بتاريخ السابع من أبريل/نيسان 2022)، وأهميتها تكمن في كونها بالإضافة إلى تحيين الأسس والمبادئ التي تقوم عليها العلاقة بين البلدين، وحل المسائل المختلف فيها سلميا، وفي علاقة البلدين بعضهما البعض، بحكم التداخل الحاصل بينهما في التاريخ والجغرافيا، فإن مناطق النزاع وأسبابه، وإن خفتت في سياقات معينة، فإنها ستبرز مرة أخرى، وأهم القضايا الخلافية التي ستكون عاملا مؤثرا في نشوب الخلاف سبتة ومليلية والجزر التي سبق للمغرب أن اقترح تشكيل لجنة مشتركة للعمل على بلورة حلول مستقبلية بشأنهما، وهو ما ينبغي أن يغفل عن الدعوة إليه وهو يعيد تشكيل علاقاته بإسبانيا.

ختاما، إن المنعرجات التي مرت بها العلاقات الإسبانية المغربية، وآفاق التعاون التي تم الإعلان عنها مؤخرا بمناسبة استئناف العلاقات، قد تكون في مهب الريح إذا بقيت خاضعة للمزاج السياسي من جهة، ثم إذا بقيت تنأى بنفسها عن إيجاد حل للمعضلات العالقة، ومنها عدم تغييب التفكير في استعادة سبتة ومليلية والجزر بالنسبة للمغرب، ولو من خلال حلول متوسطة أو بعيدة الأمد، من ناحية أخرى.

لقد أضحت قضية الصحراء بالنسبة للمغرب النظارة التي ينظر بها إلى العالم”، داعيا شركاء المملكة الى توضيح مواقفهم بشكل تام من مغربية الصحراء.

وقال صاحب الجلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله، في كلمة وجهها للشعب المغربي بمناسبة مرور 69 عاما على “ثورة الملك والشعب” : إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

واوضح جلالته حفظه الله ان “الموقف الثابت للولايات المتحدة الأميركية شكل حافزا حقيقيا لا يتغير بتغير الإدارات ولا يتأثر بالظرفيات”.

وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت واشنطن اعترافها بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وفتح قنصلية أميركية بمدينة الداخلة في الصحراء.

واضاف صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله  “نثمن الموقف الواضح والمسؤول لجارتنا إسبانيا التي تعرف جيدا أصل هذا النزاع وحقيقته. الموقف الإيجابي لإسبانيا أسس لمرحلة جديدة من الشراكة لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية”.

وفي مارس/ آذار الماضي، عاد الدفء لعلاقات البلدين بعد إعلان إسبانيا دعمها مبادرة الحكم الذاتي المغربية لتسوية النزاع في الصحراء.

كما أعرب جلالته حفظه الله عن تقديره لعدد من “ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة، خاصة الأردن والبحرين والإمارات وجيبوتي وجزر القمر” التي فتحت قنصليات بالعيون (كبرى محافظات الصحراء المغربية) ومدينة الداخلة.

كما عبر عن نفس الموقف بخصوص” 40 في المئة من الدول الأفريقية تنتمي لخمس دول جهوية فتحت قنصليات في العيون والداخلة”، وكذلك دول من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

وشكر أيضا “باقي الدول العربية التي أكدت باستمرار دعمها لمغربية الصحراء في مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر واليمن”.

وفي نفس الوقت طالب جلالة الملك المفدى حفظه الله من “شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.

ويعتبر النزاع على إقليم الصحراء المغربية، بين المغرب وجبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر، من أقدم النزاعات في أفريقيا.

وبدأ هذا النزاع بعد استقلال الصحراء عن الاستعمار الإسباني في عام 1975 ليتم إنشاء جبهة البوليساريو بعد ذلك بعام وحملها السلاح في وجه المغرب مطالبة بانفصال الإقليم الغني بالثروة السمكية والفوسفات، ويعتقد أن به مكامن نفطية.

ولم تهدأ الحرب إلا بعد أن تدخلت الأمم المتحدة في عام 1991، ويقترح المغرب حكما ذاتيا للأقاليم الصحراوية تحت السيادة المغربية، بينما تتشبث الجبهة بخيار الانفصال.