تقرير : استمرار تراجع ثقة المواطنون في حكومة رجل الأعمال أخنوش والبرلمان المغربي

0
205

ليس فقدان الثقة السياسية والاجتماعية في المغرب جديداً، بما أنّه نتيجة تراكم سنوات طويلة من ارتهان العمل السياسي للمصالح الخاصة، واعتماد الدولة سياساتٍ رسميةٍ تقوم على تشجيع الريع وحماية الفساد والمفسدين، وتهميش دور الحكومة والبرلمان والمؤسّسات المنتخبة. 

كشف تقرير للبارومتر العربي عن استمرار تراجع ثقة المغاربة في الحكومة والبرلمان، مقابل ارتفاع الثقة في المؤسسات الأمنية والعسكرية، في حين يعتبر حوالي 60% أن حرية التعبير والصحافة مضمونة بدرجة كبيرة أو متوسطة.

وسجل البارومتر العربي أن 33% من المواطنين المغاربة فقط يثقون في البرلمان، و34% فقط يثقون في رئيس الحكومة عزيز أخنوش، و37% يثقون في الحكومة التي يقودها.

ومقابل ذلك، أعرب المواطنون عن ثقة واسعة في الهيئات الأمنية والعسكرية، حيث يتق 77% من المواطنين في القوات المسلحة، و72% في الشرطة و65 في الدرك، ورجح التقرير أن يكون ارتفاع الثقة راجعا إلى زيادة ظهور أداء الهيئات الأمنية على مدار العقد الماضي في الإعلام، لا سيما الشرطة.

وبخصوص تقييم المغاربة لأداء الحكومة، فقد اختلف حسب القضايا، ففي موضوع توفير الاستقرار والأمن الداخلي، تبلغ نسبة الرضى 74%، وتنخفض هذه النسبة إلى 30% فيما يتعلق بخفض الأسعار، حيث يعتبر 68% أن أداء الحكومة سيء.

وحسب ذات الاستطلاع، فإن 39% من المغاربة يعتبرون أن الانتخابات الأخيرة لم تكن لا حرة ولا نزيهة، ويعتبرها 25% حرة ونزيهة ولكن مع وجود مشاكل كبرى، في حين أن 20% يعتبرون أنها كانت حرة ونزيهة.

ولاستعادة مستويات الثقة في المؤسسات الحكومية، قال 46% من المغاربة إنهم يرغبون في حدوث الإصلاحات على مرة واحدة، مقابل 43 يقولون إنها يجب أن تتم تدريجيا على مراحل.

ومن جهة أخرى يرى حوالي 60% من المغاربة أن حرية التعبير عن الرأي مضمونة بدرجة كبيرة أو متوسطة، في حين لا تتجاوز نسبة الذين يعتبرون أن حرية المشاركة في المظاهرات والمسيرات السلمية مضمونة 45%.

وتراجعت نسبة المواطنين الذي يعتبرون أن حرية الصحافة مضمونة بدرجة كبيرة أو متوسطة ما بين سنة 2016 و2022، حيث تراجعت النسبة من 62% إلى 59%.

وأشار التقرير إلى انحدار التصورات إزاء الديمقراطية في الوقت الحالي، حيث إن المواطنين أكثر إقبالا على الحكم على الديمقراطية انطلاقا من الأداء الاقتصادي، وتوفير الأمن والاستقرار، وليس بناء على جوانب الديمقراطية الإجرائية مثل الانتخابات الحرة والنزيهة أو أدوات المعارضة.

ويرى أكثر من 40% من المواطنين أنه في ظل النظام الديمقراطي يكون الأداء الاقتصادي ضعيفا، كما أن النظم الديمقراطية غير حاسمة ومليئة بالمشاكل، لكن ورغم تزايد القلق حول قدرة الديمقراطية على تقديم النتائج الاقتصادية والأمنية الفعالة، فالمغاربة ما زالوا يعتبرون النظم الديمقراطية أفضل من النظم الأخرى.

وبخصوص التدين، أظهر الاستطلاع أن مستويات التدين في المغرب قد زادت، حيث أكد 90% أنهم متدينون، و6% غير متدينين.

وعلاقة قضايا النوع الاجتماعي، فإن نصف المغاربة يعتبرون أن الرجال أفضل في تولي القيادة السياسية من النساء، وأن لهم القرار الأخير في الشؤون العائلية، ويرى 24% أن التعليم العالي أهم للرجال منه للنساء. 

ليس فقدان الثقة السياسية والاجتماعية في المغرب جديداً، بما أنّه نتيجة تراكم سنوات طويلة من ارتهان العمل السياسي للمصالح الخاصة، واعتماد سياساتٍ رسميةٍ تقوم على تشجيع الريع وحماية الفساد والمفسدين، وتهميش دور الحكومة والبرلمان والمؤسّسات المنتخبة، وإضعاف كلّ مؤسسات الوساطة الاجتماعية، عبر ضرب مصداقيتها وتحجيم دورها داخل الدولة والمجتمع. لكنّ حساسية التذكير اليوم بهذه الحقيقة التي يعرفها الجميع، كونها تأتي وتزال العديد من الأوساط الشعبية والنقابية والحقوقية توجه انتقاداتها لما انتجته سياسية الريع المتعبة من قبل “حكومة الأعيان” الرافضة لمحاربة الفساد الذي أنهك الاقتصاد في المغرب وجيوب المواطن البسيط.

وإعادة هذه الثقة المفقودة لا تأتي فقط بالتصريحات والتصريحات المضادّة التي لا تزيد سوى في تعميق الهوّة ما بين المجتمع والدولة، وإنّما من خلال وجود إرادة سياسية حقيقية، تكون قادرةً على تجديد العقد الاجتماعي، وإعلاء قيم الشفافية والحكامة والعدل والمساوة الاجتماعية، باعتبارها سبلاً لغرس الثقة بين الدولة ومواطنيها، وإتاحة الفرص أمام الجميع، وتنمية الاقتصاد، وتقليص الفوارق الاجتماعية.

ومقابل ذلك، فإنّ المستفيد الوحيد من ترك هامش انعدام الثقة يكبر ستكون أجهزة الضبط التي تقوّى نفوذها، بدعوى ضمان استقرار البلد، فيما غالباً ما يكون ذلك على حساب حريات الناس وحقوقها، وهو ما قد ينجح مؤقتاً في تأخير ساعة الانفجار، لكنّه لن يمنع حدوثه عندما تقع الواقعة.

فحكومة أخنوش تميزت بكونها أول حكومة مغربية يواجهها الشارع باحتجاجات واسعة خلال الأسابيع الأولى التي تلت مباشرتها مهامها، ووصف رئيسها بأنه رمز من رموز “زواج المال والسلطة”، ناهيك عن الأصوات المغربية التي تؤكد “ضعف مشروعيتها وغرابة ظروف تعيينها”.

كيف لا يحدث ذلك وسجل الرجل لا يخلو من المواجهات مع الشعب على غرار ما حصل عام 2018 خلال حملة المقاطعة الاقتصادية التي انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي وانتقلت إلى الواقع، وشملت 3 علامات تجارية من بينها شركته الخاصة بتوزيع المحروقات. 

 

اليسار المغربي يُنَدِّدْ بكل أشكال الفساد والريع التي يعرفها المغرب، وطالب بربط المسؤولية بالمحاسبة السياسية والقضائية