تقرير : الصحة والتعليم من أكثر القطاعات فسادا في المغرب..قرارات”ارتجالية”و مبادرات”مثيرة للسخط” تصعّد الاحتجاجات

0
149

أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بالمغرب في تقريرها السنوي 2020 ان قطاع الصحة يحتل “مستويات عليا” في تصور المستجوبين بخصوص انتشار الفساد، متبوعا بقطاع التعليم.

وأوضحت الهيئة أن المغرب سجل تراجعا بنقطة واحدة مقارنة مع 2019، مشيرة الى “افتقار التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الجائحة إلى متطلبات ضمان الشفافية والرقابة”.

ويواجه قطاعَا الصحة والتعليم عدداً من الإشكالات المتفاقمة، التي يبدو أن مختلف المخططات والبرامج العمومية لم تفلح في حلحلتها، باعتراف من أعلى سلطة في المملكة، ليظل المغرب يتذيل المؤشرات الدولية في هذين المجالين الحيويين.

وشهد القطاعان خلال السنوات الماضية عدداً من الاحتجاجات، إذ لا يكاد يمر أسبوع دون أن يخوض العاملون في المجالين إضرابات ومسيرات احتجاجية والتهديد بخطوات تصعيدية، آخرها إقدام أزيد من 306 أطباء مغاربة على تقديم استقالتهم سنة 2019.

خلال السنتين الأخيرتين، وصل عدد الأطباء الذين قدموا استقالات إلى حوالي ألف طبيب، بعدد من جهات المملكة، احتجاجاً على ظروف عملهم والقطاع الصحي عامة الذي وصفوه بالكارثي، معتبرين أنه “لا يرقى إلى تطلعات المواطنين وحقهم في الصحة الذي يكفله الدستور”.

وبشأن المتابعات القضائية، اعتمدت الهيئة على تقرير رئيس النيابة العامة الذي سجل تلقي الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة منذ انطلاقه بتاريخ 14 مايو 2018 إلى حدود 31 ديسمبر 2019، حوالي 36138 مكالمة، والذي أفضى إلى 117 عملية ضبط للمشتبه فيهم في حالة تلبس همت مناطق مختلفة من المغرب.

ولفت التقرير الى أن “القطاعات التي يتعامل معها المواطن بشكل يومي هي المعنية أكثر بالحالات التي تم ضبطها”.

وبخصوص جرائم الفساد المعروضة أمام أقسام الجرائم المالية، ذكر ذات التقرير  أن “الحاجة ما زالت ماسة إلى بذل المزيد من الجهد من أجل تحقيق الغاية المرجوة من إحداث هاته الأقسام”.

و اوضح أن “عدد القضايا المعروضة أمامها لا يزال كبيرا”، كما أن بعض القضايا ما زالت لدى الشرطة القضائية رغم مرور أمد طويل على فتح الأبحاث بشأنها.

ووفقا للتقرير ذاته، فإن عدد الإحالات خلال الفترة الممتدة ما بين سنة 2017 و 2019 بلغ 16 ملفا. 

وبخصوص القرار الذي زاد من الفجوة بين الحكومة والمجتمع، هو إعلان وزارة التربية شروط الانتقاء الأولي لمزاولة مهنة التعليم وأطر الدعم التربوي والإداري والاجتماعي، والتي حددت السن الأقصى لولوج التعليم بـ 30 سنة كحد أقصى ، هناك من اعتبره “تراجعا كبيرا عن المكتسبات المحققة في المرحلة السابقة، و مخالفة للقوانين المؤطرة للوظيفة العمومية ولعمل الأكاديميات”.

واثار القرار “الارتجالي”ردود فعل مختلفة، لدى الهيئات الحزبية والنقابية والحقوقية، فضلا عن المنظمات الشبابية والطلبة الجامعيين وغيرهم، إذ اعتُبر مخالفا للدستور المغربي الذي ينص على أن التوظيف في المؤسسات العامة يجري حسب الاستحقاق وليس بتقليص السن. كما وصف بكونه مخالفا لقانون الوظيفة العمومية في المغرب.

القرار المذكور خلف حركات احتجاجية في مختلف المدن المغربية، تباين تعامل السلطات الأمنية معها بين المنع والتشديد وبين المرونة وتفهم المطالب وطريقة التعبير عنها سلميا وحضاريا.

ما أقدمت عليه حكومة عزيز أخنوش تجاه الشباب الراغبين في الالتحاق في وظائف التعليم، اعتبر ضربا لمبدأ المساواة في العمل وولوج الوظيفة العمومية، الذي أكدت عليه بيانات حقوق الإنسان لكثير من الدول ذات الديمقراطية العريقة، وتبنته جل الدساتير الدولية. كما أن المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1789 نصت على أن «كل المواطنين متساوون وكذلك مقبولون في الوظيفة العمومية بالنظر إلى مؤهلاتهم وبصرف النظر عن أي تفرقة أخرى».

في المقابل، تعتبر الوزارة الوصية، أن تشديد شروط انتقاء المدرسين يدخل في صلب إصلاح منظومة التدريس.

ويقف خلف هذا القرار، وزير التعليم، شكيب بنموسى، وهو مسؤول شغل عدة مناصب هامة في المغرب، كان آخرها رئاسة لجنة النموذج التنموي، التي كلفت بمهمة صياغة خارطة طريق لمغرب جديد.

ويراهن المغرب منذ سنوات طويلة على النهوض بقطاع التعليم الذي يعاني من اختلالات عديدة، غير أن السياسيات التي تمت صياغتها منذ عقود، لم تتمكن من بلوغ مدرسة حكومية في مستوى التطلعات وإخراج القطاع من الأزمة.