حكومة أخنوش تعترف بـ” أحداث شغب الأحد الأسود” نتيجة “10 سنوات من الهدر المدرسي”؟!

0
98

في الدول المتخلفة يتحالف الاستبداد والفساد لتعطيل عجلة التنمية، لذا يعتقد الساسةُ ورجال الأعمال أن إرساء أنظمة تعليمية سيُفضي إلى ارتفاع عدد المتعلمين، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى الحضرية، وتنمية الحسّ النقدي داخل المجتمع، وتغذيةِ المعارضات بالأطر والكوادر والمثقفين، وبالتالي، تهديد مصالحهم التي يتوازى الحفاظ عليها، بالضرورة، مع الاستثمار في الجهل.

الرباط – الحكومة تقر بأن أحد الأسباب الرئبسية في أحداث الشغب التي شهدها مركب الأمير مولاي عبد الله في العاصمة الرباط غير أن أغلب ممن أُلقي عليهم القبص على خلفية هذه الأحداث كانوا من القاصرين (90 حسب المديرية العامة للأمن الوطني)، ما يعني أن هناك خللا بنيويا في المؤسسات الاجتماعية التي باتت عاجزةً عن التحكّم في كتلة اجتماعية عريضة أضحت تشكل خطرا على الدولة والمجتمع.

من جهته، أكد بايتاس ، الناطق باسم حكومة أخنوش، على أن الأمر مؤسف ومؤلم، ومرده لـعدة أسباب وعلى رأسها 10 سنوات من الهدر المدرسي.

وقال أن المقاربة الأمنية والتربوية والتحسيسة مفيدة، لكن الحكومة واعية بضرورة إعادة الإدماج في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك تطلق بعض الأوراش، علما أن الموضوع معقد ويحتاج سياسات عمومية ومبالغ مالية، والحكومة ماضية في هذا الاتجاه. 

في ظل استمرار ارتفاع نسبة الهدر المدرسي الذي بات قنبلة اجتماعية موقوتة، حيث يغادر مقاعد الدراسة، كل سنة، أكثر من 300 ألف تلميذ، حسب المرصد الوطني للتنمية البشرية، ليجدوا أنفسهم في أوضاع اجتماعية مزرية، تدفعهم، في الغالب، نحو الانحراف والجريمة والإدمان على المخدرات، لا سيما في الأحياء الشعبية وأحزمة الفقر التي تطوّق المدن والحواضر الكبرى.

لم تعد مؤسسات المجتمع تقوم بأدوارها التقليدية في التربية والتوجيه والتأطير، وفي مقدمتها المدرسة التي يكاد دورها لا يتجاوز محو الأمية، والأسرة التي تشهد تحولاتٍ سوسيولوجية عميقة، هذا من دون الحديث عن تراجع مُهولٍ في أدوار قطاع الرياضة  ومنظمات المجتمع المدني ودُور الشباب، مع ما يعنيه ذلك من تردٍّ اجتماعي وثقافي يصعب التكهن بمآلاته في المنظور البعيد. وبالتوازي مع ذلك، ظلت السلطة تنظر إلى التعليم باعتباره عبئا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ثقيلا. ولم تكن مخطّطات إصلاحه معنيةً بالجذور العميقة للمشكلة بقدر ما كانت حلولا مُجتزأةً وترقيعية، هذا في وقت تخصّص لقطاعات أخرى (كرة القدم مثلا!) موارد مالية كبيرة جدا، كان يمكن أن تسهم في تجويد التعليم وتحسين مردوديته. 

والرياضة هي أيضاً من العناصر التمكينية المهمة للتنمية المستدامة. ونعترف بالمساهمة المتعاظمة التي تضطلع بها الرياضة في تحقيق التنمية والسلام بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات وفي بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي. 

ويستفيد الأطفال وصغار السن استفادة هائلة من النشاط البدني. فالأنشطة البدنية والرياضة المقترنة بمنهج مدرسي، ضرورية للتعليم الشامل (الهدف: ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعليم مدى الحياة للجميع). وتوفر الرياضة تعلماً مدى الحياة وتعليماً بديلاً للأطفال الذين لا يمكنهم الانتظام في مدرسة. وبالاشتراك في الأنشطة الرياضية والبدنية، إلى جانب الدراسة في المدرسة، يتعلم التلاميذ القيم الرئيسية للرياضة، ومن بينها روح العمل كفريق، واللعب النظيف، واحترام القواعد والآخرين، والتعاون، والانضباط، والتسامح. وهذه المهارات أساسية للمشاركة المستقبلية في الأنشطة الجماعية وللحياة المهنية، ويمكن أن تحفز التماسك الاجتماعي داخل المجتمعات المحلية والمجتمعات الأوسع نطاقاً. وبالنظر إلى الفوائد التي تحققها الرياضة من حيث نماء الشخص والتنمية الاجتماعية، تمثل إمكانية ممارسة الرياضة والمشاركة فيها هدفاً إنمائياً رئيسياً. إلاّ في المغرب عجزة جميع الحكومة ؟

عودة قضية الرياضة للنقاش.. الوزير بنموسى يفشل في تدبير الرياضة ويسلمها إلى مدير الرياضة مرة أخرى ؟!!

يدفع المغرب، اليوم، دولةً ومجتمعا، ضريبة التخلي عن التعليم ورهنه لحسابات الصراع السياسي. ونتيجة ذلك أن هناك أجيالا لا تتوفّر على الحد الأدنى من المؤهلات التي تمكّنها من البقاء على مقاعد الدراسة، بحيث يصبح حلمها محصورا في البحث عن قوارب تقلّها إلى شواطئ أوروبا بحثا عن أفقٍ أفضل. وفي انتظار تحقيق حلمها الأوروبي، تغدو مُدرجات الملاعب متنفسا لها لتصريف فائض الحقد الاجتماعي تجاه الدولة والمجتمع على حد سواء.

واعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الهدر المدرسي “قنبلة موقوتة لم تعالجها السياسات التعليمية بالقدر الكافي”، مضيفا أن هذه الظاهرة  تشكل اختلالا كبيرا في المنظومة التربوية الحالية لما لها من تداعيات اقتصادية واجتماعية كبرى.

وأكد المجلس في تقريره السنوي لـ 2019 المرفوع لجلالة الملك والمنشور في العدد الأخير رقم 6928 للجريدة الرسمية، أنه بات من الضروري إجراء تقييم للمبادرات التي تروم تشجيع الولوج إلى المدرسة من قبل ( تيسير، مليون محفظة، المطاعم المدرسية وغيرها)، داعيا إلى إعادة النظر في الاستراتيجية المعتمدة للحد من الانقطاع عن الدراسة وفهم أسبابها ودوافعها.

وشدد التقرير ذاته، على أنه إذا “لم يتم القيام بهذه الوقفة فإن التلاميذ المنقطعين عن الدراسة سيشكلون مستقبلا، خزانا يفرخ شبابا بدون مؤهلات وفي وضعيات اجتماعية صعبة، ومرشحين للوقوف في مخاطر التهميش والانحراف فضلا عن الفوارق الاجتماعية التي تنتجها هذه الظاهرة”.

وأوضح التقرير الذي استند إلى معطيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن هذه الظاهرة ليست في طريقها إلى التراجع، حيث شهدت ارتفاعا بين سنتي 2016 و 2018، وهكذا انتقل عدد التلاميذ والتلميذات المنقطعين عن الدراسة في جميع أسلاك التعليم المدرسي من 407 ألف و 547 تلميذ وتلميذة سنة 2016 إلى 431 ألف و 876 تلميذ وتلميذة سنة 2018.

ومما يزيد هذا الوضع حدة، يضيف المصدر ذاته، كون ظاهرة الانقطاع المدرسي تطال بشكل قوي سلك التعليم الابتدائي، حيث يسجل هذا الأخير 29.2 في المائة من مجموع حالات الانقطاع المدرسي.

 ولفت التقرير إلى أنه، حين يغادر التلاميذ المدرسة منذ هذا الطور دون الحصول على أي شهادة تعليمية تتزايد احتمالات عودتهم إلى وضعية الأمية،  كما أنهم يصطدمون بعدم إمكانية الالتحاق بمعاهد التكوين المهني على اعتبار أن شهادة التعليم الابتدائي تعتبر أدنى شهادة يتم قبولها للتمكن من ولوج هذه المؤسسات.