لماذا تبني الحكومة الجديدة 11 سجنًا جديداَ ؟ ..توقعا ً لزيادة محتملة بعدد السجناء في السنوات القادمة

0
218

شهد المغرب في السنوات الأخيرة موجة من الحراك السياسي على منصات التواصل الاجتماعي الذي أدى إلى تزايد أعداد المقبوض عليهم بشكل غير مسبوق، ما ضغط على أماكن الاحتجاز ودفع الحكومة إلى إنشاء سجون جديدة لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة.

قالت “منظمة العفو الدولية” في 7 أبريل/نيسان إن السلطات المغربية صعّدت من مضايقاتها للنشطاء والمنتقدين في الشهرين الماضيين، حيث يواجه أربعة أشخاص على الأقل محاكمات بشأن منشورات تنتقد السلطات على مواقع التواصل الاجتماعي. في 23 مارس/آذار، اعتقلت السلطات المعلّقة سعيدة العلمي، واحتجزتها وحاكمتها بتهمة “الإساءة إلى مسؤولي الدولة” بعد أن انتقدت على فيسبوك قائد شرطة رفيع المستوى وندّدت بقمع الصحفيين والنشطاء. لا تزال محاكمتها جارية.

في قرار جديد أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الثلاثاء، أن العمل جار لبناء 11 مؤسسة سجنية جديدة للحد من ظاهرة الاكتظاظ. ما يشير ضمنا إلى تزايد أعداد المسجونين والمعتقلين وعدم استيعاب السجون الحالية وأماكن الاحتجاز والمعتقلات الفرعية لأعدادهم.

وقال بايتاس في معرض جوابه على أسئلة شفوية بمجلس المستشارين، إن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج اقترحت برنامجا للرفع من الطاقة الإيوائية لحظيرة السجون بما يتماشى مع قيم حقوق الإنسان التي تحترمها المملكة، حيث سيتم استبدال 11 مؤسسة سجينة قديمة ومتهالكة بمؤسسات حديثة وبناء 11 مؤسسة سجنية جديدة للحد من ظاهرة الاكتظاظ.

وتساءل حقوقيون وناشطون: لماذا يبني أخنوش سجونا جديدة ولا يبني مصانع أو مدارس ومستشفيات؟.

وذكر الوزير أن موضوع الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية يرجع بالأساس إلى وجودها ضمن دائرة قضائية استئنافية تستقبل يوميا عددا كبيرا، “كما هو الحال بسلا التي ترتفع بها نسبة الاكتظاظ بالسجن المحلي العرجات، لأن هذه الدائرة القضائية بها سبع محاكم، وبالتالي، فعدد المتابعين يكون مرتفعا”.

كما تساءلوا: هل زيادة إنشاء السجون مؤشر حقوقي على تزايد المعتقلين المستمر؟ أم مؤشر سياسي على فترة احتقان وغضب شعبي تستعد لها السلطات؟

وبخصوص الإجراءات المتخذة للحد من ظاهرة الاكتظاظ، يضيف بايتاس، عمدت المندوبية العامة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير منها افتتاح 23 مؤسسة سجنية جديدة خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2022، همت بالأساس طاطا وآيت ملول والرماني وزاكورة وبويزكارن والسمارة ووجدة2 وأزرو والعرجات والعرجات 1 و2 وتيفلت والداخلة وطانطان وتاوريرت والناظور والعرائش وأصيلا وبركان وطنجة والأوداية وراس الما وفاس.

كما همت هذه الإجراءات أيضا مواصلة بناء ثلاث مؤسسات سجنية بطاقة استيعابية إجمالية تقدر ب 5537 سرير بكل من الجديدة 2 والعيون 2 وتامسنا.

وأضاف الوزير أنه خلال السنة الحالية، تم إعطاء انطلاقة أشغال بناء مؤسسة سجنية جديدة بالصويرة لتعويض السجن القديم المتهالك، وكذا الانتهاء من أشغال تقسيم السجن المحلي عين السبع 1 وتهيئة مركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع، وتوسعة السجن المحلي سلا 2 بطاقة استيعابية تقدر بـ 208 سرير.

أم هي استعدادات من جانب السلطة تحسبا لأزمات الارتفاع الصاروخي للمحروقات  وأخرى وجودية مثل ارتفاع أسعار المواد الاساسية لعيش المواطنين المغاربة ، ببناء المزيد من السجون لاستيعاب المغاربة الغاضبين؟

 وعيد أخنوش بـ”إعادة تربية” من ينتقدون مؤسسات الدولة من المغاربة.

أخنوش الذي بدا في الشريط وهو يتحدّث بحماس، قال إنه لا مجال لقبول أية مزايدة، “ليس هناك إلا الله والوطن والملك، ومن يعتقد أنه سيأتي ليمارس القذف ويسبّ المؤسسات لا مكان له داخل البلاد، ومن أراد بلادنا، المغرب، عليه أن يحترم شعارنا الذي يقول: الله الوطن الملك، ويحترم المؤسسات والديمقراطية لأننا لن نتقدّم إلى الأمام بواسطة القذف”. هنا وبعد تصفيق الحاضرين، واصل أخنوش كلامه قائلاً إن العدالة ليست وحدها التي يجب أن تقوم بمهامها في التعامل مع من يمارس السب، “بل حتى المغاربة عليهم أن يقوموا بعملهم، ومن تنقصه التربية من المغاربة، علينا أن نعيد تربيته.. لا يمكن، لا يمكن، نحن لدينا وحدة وراء صاحب الجلالة”.

هذه العبارات الأخيرة كانت وراء إثارة موجة الغضب والسخرية، بينما اعتبرها العديد من الناشطين في الشبكات الاجتماعية تحريضا على العنف وضربا بعرض الحائط للقوانين والمؤسسات. وأدى نشر هذا المقطع من كلمة أخنوش عبر الصفحة الرسمية لحزب “التجمع الوطني للأحرار” على فيسبوك، إلى إشعال فتيل الغضب مع توظيف المقطع الذي يتوعّد فيه أخنوش بإعادة تربية بعض المغاربة في مقاطع فيديو ساخرة تقوم بدمجه في مشاهد كوميدية للفنان الفكاهي حسن الفد، في شخصية “كبور” الكوميدية الشهيرة في المغرب.

وفي موضوع نظام تصنيف السجناء، أشار بايستاس إلى أن المؤسسات السجنية تعتمد، تحت رقابة السلطات القضائية المعنية، نظام التصنيف المنصوص عليه في المادة 6 من القانون 98.23 الذي يراعي حالات المعتقلين، موضحا أنه لتجويد ونجاعة نظام تصنيف السجناء، اعتمدت المندوبية العامة على إحداث نظام جديد لتصنيف السجناء يرتكز على تقييم درجة الخطورة، مع مراعاة المقتضيات القانونية الواردة بالقانون المذكور.

وقال الوزير إنه، لفرض الانضباط والحد من الخطورة بعض السجناء ودعم البرامج الإدماجية، تم إحداث أحياء لفئة السجناء الخطيرين، وإطلاق برنامج تعايش، وإطلاق دراسة في إطار برنامج دعم استراتيجية المندوبية العامة من طرف الأمم المتحدة.

تكدس واختناق

اكتظاظ السجون في المغرب، مع تسجيل رقم قياسي في عدد السجناء في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مع 89 ألفاً و711 سجيناً في مقابل 84 ألفاً و990 في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، أي بزيادة تتجاوز نسبتها خمسة في المائة في خلال تسعة أشهر. وعلى الرغم من تحسّن ظروف الإقامة والخدمات اللوجستية وبرامج التأهيل داخل السجون المغربية في خلال السنوات الأخيرة، فإنّ الارتفاع القياسي في عدد السجناء يطرح تحديات على مسؤولي إدارة السجون في البلاد في ما يخصّ تطبيق سياسة إعادة الدمج والحفاظ على كرامة السجين. كذلك يثير الاكتظاظ أكثر من علامة استفهام حول الأسباب الكامنة وراءه.

في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دقّ المندوب العام لإدارة السجون محمد صالح التامك، في خلال تقديمه مشروع موازنة المندوبية العامة للسجون أمام لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، ناقوس الخطر بسبب الاكتظاظ في المؤسسات السجنية، وقد وصفه بأنّه “إكراه يشكّل تحدياً مهماً بالنسبة إلى المندوبية العامة للعمل وفق الإمكانيات المتاحة لديها على تنزيل برامج العمل المسطرة واستكمال الورش المفتوحة وبلوغ الأهداف المتوخّاة في إطار توجهاتها الاستراتيجية، وذلك بما يكفل تنفيذ المقررات القضائية السالبة للحرية في احترام تام لحقوق المعتقلين والمساهمة بفعالية في تأهيلهم لإعادة الدمج”.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يشار بالاكتظاظ إلى الحالة التي يتجاوز فيها عدد السجناء السعة الرسمية للسجون، ويتمّ حساب نسبة الاكتظاظ وفق الجزء من الإشغال الذي يتعدّى 100 في المائة من نسبة الاستيعاب، وفي العادة يمكن القول إنّ 120 في المائة هو اكتظاظ خطير. 

وبالنسبة إلى نائب رئيس المرصد المغربي للسجون (منظمة غير حكومية) عبد الرحيم الجامعي، فإنّ “الاعتقال الاحتياطي والاكتظاظ داخل السجون مشكلتان مرتبطتان بأمرَين أساسيَّين، أوّلهما مضمون السياسة الجنائية الذي لم يحقّق التقدّم المطلوب، وثانيهما عدم العمل على تنسيب السياسة الجنائية”. ويؤكد لـ”العربي الجديد ” أنّه “لو كانت ثمّة سياسة جنائية بمضمون حقوقي ثقافي وعقلاني، لما أعطت الانطباع على أنّها سياسة تعتمد على المقاربة القاسية للعقاب”. يضيف الجامعي أنّ “مشكلة الاكتظاظ في السجون ظلّت مطروحة على الرغم من السياق الخاص بأزمة كورونا والعفو الذي شمل آلاف السجناء في عام 2020″، لافتاً إلى أنّ “نسبة الاعتقال الاحتياطي في المؤسسات السجنية وصلت إلى 46 في المائة، وهو ما يتطلب معالجة بحلول جذرية من خلال رفع العقوبة الحبسية على عدد من المخالفات والجنح وكذلك خفض مدّة الاعتقال الاحتياطي بدلاً من تجميد الملفات سنة كاملة من دون النظر فيها”.

ويُقصد بالاعتقال الاحتياطي في القانون المغربي إيداع الأشخاص في السجون من دون صدور أيّ حكم قضائي في حقّهم، وذلك إمّا لاستكمال مرحلة التحقيق وإمّا في انتظار استكمال محاكمتهم. وترمي النيابة العامة كُرة ارتفاع نسب المعتقلين احتياطياً في ملعب قضاة الأحكام، مشدّدة على أنّها “تحرص على عدم تفعيل الاعتقال الاحتياطي إلا في بعض الملفات التي تتّخذ نوعاً من الخطورة”.

وتشرح النيابة العامة أنّ “الاعتقال الاحتياطي يجري وفقاً لمعايير دقيقة، وبالضبط حينما يتبيّن أنّ تدابير المراقبة القضائية غير كافية، أو إن كان مثول المتابع أمام القضاء وهو في حالة سراح من شأنه التأثير على حسن سير العدالة”. 

وفي هذا الإطار، يطالب الجامعي بـ”تنسيب السياسة الجنائية بدلاً من السياسة المعتمدة على توسيع الاعتقال الاحتياطي والحراسة النظرية”، محمّلاً مسؤولية ذلك إلى “النيابة العامة وقضاة التحقيق باعتبارهما الجهتَين صاحبتَي اليد الطولى في مجال الأمر بالإيداع في السجون”.

ويأتي ذلك في وقت كشف فيه وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي أخيراً أنّ الحكومة تتّجه نحو ترشيد الاعتقال الاحتياطي الذي يُعَدّ العامل الأوّل في اكتظاظ السجون، لافتاً إلى أنّ قانون المسطرة الجنائية الذي يُتوقّع إقراره قريباً يشترط اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي بعد استنفاد كلّ البدائل الأخرى المتاحة كالمنع من مغادرة التراب الوطني أو وضع المتهم تحت الرقابة الإلكترونية.

تجدر الإشارة إلى أنّ في المغرب 78 مؤسسة سجنية، منها 66 سجناً محلياً وسبعة سجون فلاحية بالإضافة إلى سجنَين مركزيَّين وثلاثة مراكز للإصلاح والتهذيب، وهي موزّعة على مجموع التراب المغربي. وبحسب تقرير لإدارة السجون، أنشئت في عام 2020 ثلاثة سجون محلية في مدن بركان والعرائش ووجدة بطاقة استيعابية إجمالية تقدّر بـ4400 سرير، في مقابل إغلاق السجنَين القديمَين في بركان ووجدة والسجن المحلي في القصر الكبير. 

وتواصلت في العام نفسه أشغال بناء مؤسّستَين سجنيّتَين في كلّ من أصيلة والجديدة بطاقة استيعابية إجمالية تقدّر بـ3000 سرير، وإطلاق أشغال بناء مؤسستَين سجنيّتَين في كلّ من الداخلة والعيون بطاقة تقدر بـ3000 سرير. وقد مكّنت هذه الإجراءات وغيرها من تحسين الطاقة الإجمالية للإيواء، لتبلغ 169 ألفاً و399 متراً مربّعاً في عام 2020 في مقابل 160 ألفاً و413 متراً مربّعاً في عام 2019، وبذلك انتقلت المساحة المخصّصة لكلّ سجين من 1.85 متر مربّع إلى مترَين مربّعَين وانخفضت نسبة الاكتظاظ من 38 في المائة إلى 33 في المائة ما بين العامَين المذكورَين.

 

 

 

 

 

 

الداخلية تتوعد جمعيات “حماية المال العام” والهيئات المخالفة للقانون.. الحكومة تريد إخضاع الجميع “دْوي ترعف”