ملف الصحراء “المسترجعة” وجيب سبتة” المحتلة”.. علاقات المغرب بأوروبا على صفيح ساخن

0
107

تشهد علاقات المغرب ببعض الدول الأوروبية تقلبات لافتة في الأيام الأخيرة، ولا سيما مع إسبانيا وألمانيا، وهو ما يرى فيه متابعون سببا قد “يؤثر على مستقبل العلاقات بين المملكة وأوروبا”

كان للأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، وقعها على الحالة في جيب سبتة، إذ تدفق آلاف المهاجرين الذين استغلوا تخفيف مراقبة الحدود على الجانب المغربي، ما خلق أزمة أنسانية، بعد أن ذكرت السلطات في مدريد أن نحو  ألف مهاجر قاصر ما زالوا في جيب سبتة المحتلة من طرف إسبانيا. والأمر لا يتوقف هنا، بل يشمل ملف الصحراء الغربية، إذ تثير المواقف الغربية قلق المملكة.

فبعد أن علق المغرب في مارس “كل أشكال التواصل” مع سفارة ألمانيا في المغرب، بسبب ما وصفه بـ “تباينات عميقة” مع برلين في ملفات عدة، من بينها قضية الصحراء المغربية، قررت الرباط مطلع مايو استدعاء سفيرتها في ألمانيا، زهور العلوي، للتشاور بسبب “مواقف عدائية تنتهك المصالح العليا للمملكة” تتعلق بقضية الصحراء المغربية كذلك، وفق ما أعلنت وقتها، وزارة الخارجية المغربية في بيان.

برلين بدورها انتقدت قرار المغرب ووصفته بـ “غير العادي” والذي يبقى من وجهة نظر الخارجية الألمانية “إجراء غير مناسب لأجل تسوية أزمة ديبلوماسية”.

ولم تمر أيّام قليلة، حتى طفى على السطح إشكال دبلوماسي آخر بين المغرب وإسبانيا، حيث استنكرت الخارجية المغربية استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، بطريقة سرية.

وانتقدت الرباط استقبال غالي الملاحق من فعليات مغربية قضائيا في إسبانيا، بسبب ما يوصف في المغرب بـ”جرائم حرب”، بينما قالت مدريد إنها فعلت ذلك لدواعي إنسانية، لأن الرجل مصاب بفيروس كورونا ودخل إسبانيا من أجل العلاج.

بعد ذلك “اجتاح” جيب سبتة الإسباني المتاخم للمغرب آلاف المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما اتعبرته إسبانيا “رد فعل مغربي” على الخلاف الدبلوماسي الذي حصل على خلفية قضية غالي.

من جهتها، حذرت إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء المغربية، المغرب من أن موقفها لن يتغير بشأن المنطقة الصحراوية الشاسعة التي لا يزال وضعها غير محدد.

تحول “نبرة” المغرب الدبلوماسية

وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية ارانتشا غونزاليس لايا إن “إسبانيا لا تزال متمسكة بشدة بالحل السياسي الذي يجب إيجاده في إطار الأمم المتحدة”.

وكانت  منظمة العفو الدولية انتقدت “استعمال” السلطات المغربية “طالبي اللجوء للضغط على إسبانيا لأغراض سياسية”، بينما دانت أيضا “تعرض مهاجرين، بينهم أطفال، للضرب من القوات الإسبانية”، وطالبت “بالتحقيق” في هذه “التجاوزات”.

يذكر أن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عبر، الأحد، عن “رفض المغرب محاولات إسبانيا لإضفاء الطابع الأوروبي على الأزمة الحاصلة بينهما”.

وقال إن “ليس على المغرب أي التزام بحماية حدود دول غير دولته أو أن يكون دركيا لأوروبا”.

وأضاف “يجب أن نسأل إسبانيا، وهي دولة أوروبية، إذا تشاورت مع أوروبا قبل التصرف ضد مصالح المغرب لصالح مجرم حرب”.

مراقبون قالوا إن المغرب غيّر من نبرته الدبلوماسية محاولا فرض رؤيته لنزاع الصحراء المغربية، لحمل الدول الأوروبية للاعتراف بسيادته عليها ولا سيما بعد اعتراف الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بـ”مغربية الصحراء” ومنهم من رأى أن من شأن ذلك أن يرهن مستقبل العلاقات المغربية الأوروبية.

لكن المحلل السياسي المغربي، سمير بنيس، يرى أن المغرب لم يغير من نبرته بقدرما أصبح يعبر بقوة أكثر عن مواقفه الدبلوماسية وهو “أمر طبيعي” بالنسبة له بالنظر إلى التطورات التي حصلت في مواقف كثير من الدول تجاه ملف الصحراء الغربية.

وفي اتصال مع موقع “الحرة” شدد بنيس على أن “على إسبانيا” مثلا أن تعتبر للمغرب جهوده في مواجهة الهجرة غير الشرعية بمعاملته بالمثل، وليس بالتستر على “مجرم حرب”.

وذكر في السياق بجهود المغرب لتعزيز الشراكة بين البلدين والتي جعلت، وفقه، من إسبانيا الشريك الأول للرباط.

بنيس الذي يدير موقع “موروكو وورلد نيوز” يرى بأن علاقات المغرب مع أوروبا لن تتأثر بأي خلاف بين الرباط ودولة ما في الفضاء الأوروبي، لأن كل دولة فيه، لها مصالحها الخاصة.

يقول في الصدد: “مثال على ذلك، تباين مواقف الدول الأوروبية حول ليبيا” وهو ما يجعله يؤكد أن ما يصفه بـ”التشنجات العابرة” بين المغرب وألمانيا وحتى إسبانيا لن تؤثر على مستقبل العلاقات بين المغرب والدول الأوروبية مجتمعة بقدر ما “ستمكن المغرب من توضيح موقفه من رؤية الدول لقضية وجودجية بالنسبة له”.

الورقة الفرنسية

من جانبه، يرى رئيس المركز المغربي للتفكير والتطوير، أشرف الطريبق، أن الاتحاد الأوروبي كيان موحد وأي “ارتداد” في العلاقات مع دولة عضوة فيه من شأنه أن يؤثر “ولو بصفة ضئيلة” على العلاقات مع الكيان أجمع.

وفي اتصال مع موقع “الحرة” ذكر الطريبق بأن الاتحاد الأوروبي يتدخل عادة لتأييد موقف الدولة العضوة فيه إذا كانت على خلاف عميق مع دولة أخرى، وهو “أمر طبيعي” في نظره.

وأشار إلى أن للمغرب علاقات قوية مع دول أخرى في الاتحاد وعلى رأسها فرنسا، وأن له علاقات تجارية مهمة مع دول أخرى من شأنها أن تسند موقفه إذا تدهورت علاقته بدولة عضوة فيه مثل إسبانيا.

وفيما يضغط المغرب الذي يسيطر على ثلاثة أرباع الصحراء المغربية من أجل اعتماد طرحه للحل في الإقليم والمتمثل في الحكم الذاتي تحت سيادته، تدعو البوليساريو إلى تنظيم استفتاء لتقرير المصير، أقرته الأمم المتحدة ولكن يتم تأجيله باستمرار منذ أبرمت الرباط والجبهة اتفاقا لوقف لإطلاق النار في 1991 بعد 16 سنة من الحرب.