نازحٍ بلا هوية

0
96

رسالةإلى الدكتور عبدالعزيز المقالح – رحمه الله-

مرحباً دكتور

أنا سلمان

رجلٌ عابرٌ بلا سبيل، سائرٌ بلا طريق ، متجولٌ بلا مدينة 

أمضي خلف عقارب الساعة بلا عجل أو رويّة

رجلٌ عابرٌ  لن يمر مجدداً..

 كالموت تماماً لا يأت في الحياة مرتين…

أكتب إليك بأنامل شاعر يحتضر… يكتب للمرة الأخيرة قصيدة عمره الضائع…

أحمل إليك لاشيء من القصائد سوى قريحة شهيد مخذول يكتب على جدران قبره الحزين  أسماء أطفاله الصغار…

حسناً دكتور

لقد استنزفتُ بقايا الروح  وأنا أبحث فيها عن شاعر مفقود يأكل أصابعي بشراهة!

واستغرقت كل أوجاع المدينة ، وأنا أفكر ماذا سيحلم صغير نازح من طفولته ينام على الرصيف!

واستفرغت  من دموع الأيتام ، وأنا أفكر كيف سيبعث لهم الشهيد رغيفاً  من الجنة!

عفواً سيدي الشاعر

هل فكرت يوماً كيف يموت الشاعر! 

وكيف تخرج روحه متنكرة على هيئة قصيدة ؟!

مساكين الشعراء في هذا الوطن 

يموتون في اليوم ألف قصيدة، ويرثون في كل ليلة ألف شهيد…

يقبض الموت على قصائدهم قبل أرواحهم 

ويخنق الضياع كلماتهم أكثر من الضياع

يتوقون أن يتغنوا في وطن لن يخذلهم في آخر القصيدة…

وأن ينشدوا حياة أكرم لهم من الموت تحت مسمى الشهادة 

يشب الهوى نار الحب بداخلهم فتحترق قلوبهم ولم يتمكنوا بانقاذه يوماً بقصيدة…

مرحباً أخيراً دكتور

أنا سلمان

نازح بلاهوية يطوف في الشوارع كل ليلة ليجمع حروف اسمه…

وشاعرٌ شاردٌ بلا قصيدة ، وقصيدةٌ تائهةٌ بلا شاعر تبحث في كل فخر عن وطن تنتسب إليه…

عشريني بلا عمر حقيقي، لم يتقن شيئا في حياته غير توديع الشهداء و كتابة الوصايا…

عفواً سيدي الشاعر فإذا وجدت حروفي تنزف دماً…

فلا تستغرب…

فوطني يحتضر وأنا أكتب وصيته…