هيئات حقوقية مناهضة للتطبيع والقمع والغلاء في المغرب تتحدّى حصاراً أمنياً مشدداً للقوات العمومية أمام مقر نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالدار البيضاء

0
134

ضربت القوات العمومية ضوقا أمنيا لمحاصرت المحتجين الغاضبين التابعين للجبهة الاجتماعية المغربية الذين اكتسحت بهم شوارع الدار البيضاء مساء أمس الاحد للتعبير عن غضبهم ورفضهم للقمع والتطبيع وغلاء الأسعار.

وكانت الجبهة الاجتماعية التي تضم أحزابا يسارية واتحادات عمالية دعت إلى مسيرة وطنية اليوم غير أنه تم منعها من قبل السلطات التي بررت المنع بالحفاظ على الأمن والنظام العامين، ما دفع المنظمين إلى تنظيم وقفة احتجاجية بوسط مدينة الدار البيضاء.

وبثت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للاحتجاجات التي تخللها إلقاء كلمات من طرف نشطاء في الجبهة، استنكروا تواصل القمع بالموازاة مع غلاء الأسعار، دون وجود مخططات واضحة من طرف الحكومة بالرغم من حصولها مؤخرا على قرض يقدر ب350 مليون دولار من البنك العالمي لمساندة ودعم الاقتصاد الأزرق، فيما تتسع رقعة الفقر بين المواطنين المغاربة نتيجة الأزمة الإقتصادية الخانقة.

وعلى الرغم من ضرب القوات العمومية حصارا أمنيا مشددا أمام مقر نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والشوارع المحاذية له، إلا أن هذا التدخل الأمني القوي لم يمنع المحتجين من التعبير عن غضبهم من غلاء المعيشة وتقييد الحريات والتطبيع.




وعبر المشاركون في الوقفة الاحتجاجية عن رفضهم لغلاء المعيشة، وهو ما يتجلى من خلال مستوى التضخم الذي ينتظر أن يصل في العام الحالي إلى أكثر من 4 في المائة.

وردد المتظاهرون عدة شعارات تعبر عن رفض الوضع المتردي والتطبيع، ومن بينها “عاش الشعب عاش عاش.. هذا الشعب ماشي أوباش”، “الدولة حقارة .. هكذا حال الفقراء”، “رافضون رافضون لقضاء التعليمات”، “الدولة ميسورة.. جماهير مقهورة” و “التطبيع خيانة.. فلسطين أمانة”.

وانتقد المشاركون سعي الأجهزة الأمنية قمع هذه التظاهرات، حيث تدخلت بقوة لتفريقهم إلا أن إصرار المتظاهرين الذين تجمعوا بأعداد كبيرة أفشل التدخل الأمني، لترتفع الحناجر بترديد شعارات “هذي الدولة قمعية، نكارة للحرية والشعب الضحية”، “واهيا واهيا اللي حاكمينا مافيا” و “باي باي زمان الطاعة، هذا زمان المواجهة”.

وفي كلمة له خلال الوقفة، أكد المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية أن “منع المسيرة لن يحول دون مناهضة ارتفاع الأسعار والتطبيع”.




هذا وكانت قضية مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني حاضرة بقوة في الوقفة، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية وصور الصحافية شيرين أبو عاقلة التي اغتالتها قوات الاحتلال، بينما عمد مشاركون إلى إحراق العلم الإسرائيلي.

كما طالب من جهته اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمراجعة اختيارات الحكومة القائمة وتصورها الذي يتبنى التقشف، ووضع حد لموجة الغلاء و ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، والتوجه نحو ضمان الأمن الغذائي والطاقة.

وإثر قرار السلطات المغربية منع المسيرات الاحتجاجية، أصدرت الجبهة الإجتماعية المغربية بيانا قبل احتجاجات أمس، نددت فيه بقرار المنع التعسفي الذي صدر يوم الخميس الفارط، “بمبرر الحفاظ على الأمن و النظام العامين”.

وأكدت الجبهة في بيانها أن “هذا المنع التعسفي يؤكد بالملموس إصرار الدولة على مقاربتها الأمنية و يكشف أن القمع و التضييق على الحقوق و الحريات، اختيار ممنهج يستهدف كل الأصوات والتنظيمات التي اختارت النضال لمواجهة التوجهات و القرارات اللاشعبية واللاديمقراطية و اختارت الإنحياز لقضايا الجماهير الشعبية و الدفاع عن الحقوق و المكتسبات”.

وأعربت الجبهة عن إدانتها و استنكارها “بقوة” قرار المنع التعسفي للمسيرة الاحتجاجية الشعبية و تعتبره “مؤشرا خطيرا” يقتضي تكتل كافة الديمقراطيين لمواجهة تغول السلطوية و الإستبداد، مؤكدة تمسكها بتنظيم مسيرة وطنية احتجاجية سيعلن عن تاريخها لاحقا و داعية “كافة التنظيمات و القوى الديمقراطية إلى الاستمرار في التعبئة و الوحدة النضالية للدفاع عن الحق في التعبير و الاحتجاج و مواجهة المنحى الخطير لضرب الحقوق و الحريات و المكتسبات الاجتماعية و التصدي لموجة التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

للإشارة، فإن الجبهة الإجتماعية تضم نقابات معروفة مثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وقطاعات نقابية تابعة للاتحاد المغربي للشغل وأحزابا يسارية من بينها فيدرالية اليسار الديمقراطي والنهج الديمقراطي، إضافة إلى الجمعية المغربية لحماية المال العام وجمعية “أطاك” المغرب وعدة هيئات أخرى.

يواجه المغرب منذ أشهر ارتفاعاً في الأسعار، وخصوصاً أسعار الوقود، جراء تداعيات الحرب في أوكرانيا. وبلغ معدل التضخم 4.1 بالمئة في نهاية نيسان/أبريل، وفق ما أعلن الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع الخميس.

لمواجهة هذا الغلاء ضاعفت الحكومة مخصصات دعم الأسعار لتبلغ نهاية الشهر الماضي نحو 3.2 مليارات دولار، وفق نفس المصدر. ويشمل هذا الدعم أسعار الغاز والدقيق، فضلا عن مساعدة استثنائية لمهنيي النقل البري.

 ويرتقب أن يتراجع النمو الاقتصادي هذا العام أيضاً بتراجع نتائج الموسم الزراعي، الذي يعد قطاعا أساسيا في المملكة، بسبب جفاف استثنائي. 

وتأتي هذه الوقفة ضد ارتفاع غير مسبوق للأسعار، وهو ما يتجلى على مستوى التضخم، الذي ينتظر أن يصل في العام الحالي إلى أكثر من 4 في المائة، بعدما لم يكن يتجاوز في الأعوام السابقة  السقف المستهدف الذي كان في حدود 2.0%. 

وطاولت الزيادات أغلب السلع في الفترة الأخيرة، حيث يتجلى ذلك أكثر على مستوى محطات الوقود، حيث ارتفع سعر السولار أكثر من 30 في المائة منذ فبراير/شباط الماضي، ليصل إلي حوالي 1.5 دولار للتر الواحد.

وأكدت الحكومة على زيادة مخصصات الدعم في العام الحالي بحوالي 1.5 مليار دولار، كي يصل إلي 3.2 مليارات دولار، حيث يشمل الدعم السكر والدقيق عبر صندوق المقاصة، ورفعت الدعم الموجه لشركات النقل للتخفيف من تداعيات ارتفاع أسعار الوقود والدعم المخصص لقطاع السياحة.

غير أن الجبهة الاجتماعية ترى أن الزيادات في الأسعار التي طاولت العديد من السلع والخدمات، تضر بالقدرة الشرائية للأسر، بينما يفترض في الحكومة حمايتها في ظل تراجع الإيرادات بعد الأزمة الصحية.

وطالب اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمراجعة اختيارات الحكومة القائمة، وتصورها الذي يتبنى التقشف، ووضع حد لموجة الغلاء وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات والتوجه نحو ضمان الأمن الغذائي والطاقة.

وفي كلمة له خلال الوقفة، أكد المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية، أن منع المسيرة لن يحول دون مناهضة ارتفاع الأسعار والتطبيع. وكانت مناهضة التطبيع مع إسرائيل حاضرة بقوة في الوقفة التي شارك فيها حوالي 400 مشارك وسط حضور أمني كبير، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية وصور الصحافية شيرين أبو عاقلة، بينما عمد مشاركون إلى إحراق العلم الإسرائيلي.